فى عام 82 وفى أوج اهتمامنا بلعبة كرة القدم وممارستها فى كل مكان فى البيت وفى الشارع وفى الأزقة والحوارى جاء ظهور الأسطورة الكروية "مارادونا" عقب نهائيات كأس العالم فى اسبانيا. فى ذلك الوقت حدثت ثورة كروية اهتز لها العالم فقد بدا عالم الاحتراف وينتقل اللاعب القصير صاحب 165 سنتيمتر بصفقة مدوية قيمتها 5 ملايين جنيه استرلينى كانت تساوى 15 مليون جنيه مصرى تقريبا فى ذلك الزمان.
فى تلك الفترة كان اللعب فى الشارع يعقبه "علقة ساخنة" من والدى الحاج على الله يرحمه أو على الأقل " قلمين" على الماشى وخاصة اننى كنت فى مرحلة الثانوية العامة.
لكن فجأة توقف الحاج على عن مسألة العقاب اللذيذ أو حتى العتاب بكلمات وجمل من نوعية " لعب الكرة هايوديك فى داهية..انت فى الثانوية" و" والله ما انت نافع" لم أدرك السبب الذى ابهجنى الا عندما انتشرت قصة بيع ماردونا واثناء ذلك وفى المساء وجدته يقترب منى بود ظاهر ويسألنى اذا كنت أريد تناول شاى المساء معه.. فوافقت على استحياء وخجل ظاهرى. وبعد فترة صمت لم تدم طويلا سألنى " ايه حكاية بيع ماردونا دى" فشرحت له حسب فهمى وقتها بحيث أقنعته ان لعب الكرة نتيجته فى النهاية ملايين الجنيهات وحسبت له الحسبة. فسكت ثم نظر مبتسما لى أدركت معناها فقلت له بزهو وشعور بالانتصار" يعنى لوكنت تركتنى العب وماتضربنيش كان ممكن ابقى زى ماردونا".
المهم اننى خرجت بانتصار وحيد وهو توقف الحاج على عن الضرب أو اللوم الجارح فى الآونة الأخيرة أما الهزيمة فهى اننى لم أصبح ماردونا ولا حتى الكابتن "توحة البلاط" كابتن بسيون..!
هكذا اصبح ماردونا الذى رحل عن عالمنا تاركا الدهشة والصدمة لنا وعالمه الصاخب منذ انتقاله لايطاليا ليس ظاهرة أو اسطورة كروية فقط بل ظاهرة اجتماعية واقتصادية، وقد يتفق أو يختلف معى البعض فى ان ماردونا هو قائد ثورة التغيير فى التفكير نحو المادة والشهرة عبر كرة القدم وتبدل الاولويات والترتيب الاجتماعى ومقاييس النجومية والشهرة من صاحب العلم والعالم والمفكر الى لاعب الكرة ..فقد فتح الباب واسعا أمام عالم الاحتراف والشهرة والمال
قد لا يتصور محبيه ومشجعيه بل عاشقيه امثالى ان حياته الكروية الاسطورية ومجده الكروى لم يستمر أكثر من 8 أو سنوات منذ لعبه بكاس العالم ثم انتقال الى برشلونة ب5 ملايين استرلينى حتى عام 84 وحتى حترافه ضمن صفوف نابولى الايطالى حتى عام 91 بصفقة قياسية قيمتها 9.6 ملايين جنيه استرلينى
حياته الصاخبة كرويا واجتماعيا وشخصيا جعلته محاصرا من كل جانب بكاميرات التليفزيون وعدسات المصورين وربما ساعد فى ذلك شخصيته المتقلبة وآراءه المثيرة للجدل ، فقد محبا للمناضل الارجنتيني تشي جيفارة ويحمل وشم له على ذراع وقارئ جيد لسير الزعماء والأبطال ومستمعا للموسيقى
بعض اصدقائى فى الامارات حيث عمل هناك مدربا لفريق الوصل ثم فريق الفجيرة لمدة قصيرة وصفوه بانه شخص طيب للغاية ويمكن الضحك عليه بسهولة ولكنه عاش حياته بالطول والعرض ولم يدرك كثيرا انه موهبة نادرة واسطورة كروية ربما لن تتكرر وانه لم يعد ملك لنفسه فقط. لكنه كما قال اقربائه فقد عاش لنفسه فقط ولم يهتم بما يمكن أن يقال عنه
كان يمكن لمارا دونا أن يعيش كثيرا فى الملاعب ويحقق الانجاز والاعجاز معا ويتحول الى قدوة كروية وانسانية واجتماعية ايضا وربما سياسية فى بلاده لكنه العقل الذى يسلط على صاحبه.. ثم كانت ايطاليا والحياة الصاخبة فيها فزادت مشاكله الشخصية. وواصل استخدامه الكوكايين، وواجه فضيحة أخرى في إيطاليا لعلاقته بامرأة وإبنا غير شرعي. وكان أيضا هدفا لبعض الشك على مدى صداقته المزعومة مع عصابة مافيا كامورا. وتكريما لمارادونا وإنجازاته خلال مسيرته في نابولي، تم إحالة القميص رقم 10 إلى التقاعد رسميا.
في مسيرته الكروية مع الأرجنتين، خاض 91 مباراة دولية فقط وسجل 34 هدفًا. لعب مارادونا في أربع بطولات في كأس العالم، بما في ذلك كأس العالم 1986 في المكسيك حيث كان قائداً للأرجنتين وقادهم للفوز على ألمانيا الغربية في النهائي، وفاز بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة. في ربع نهائي كأس العالم 1986، سجل هدفي الفوز 2–1 على إنجلترا اللذان دخلا تاريخ كرة القدم لسببين مختلفين. الهدف الأول سجله باستخدام يده دون أن ينتبه الحكم، ويعرف بـ"يد الرب"، بينما سجل هدفه الثاني بعد جري 60 م (ومراوغته لخمسة لاعبين من إنجلترا، وتم التصويت على هذا الهدف ليكون "هدف القرن".