واحدة من أعمال الروائية الكبيرة الدكتورة رضوى عاشور التى لم تحصل ربما على الاهتمام كافى، وهى "رأيت النخيل" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1987، والرواية هى المجموعة القصصية الأولى للكاتبة رضوى عاشور، صدرت طبعتها الأولى فى أواخر الثمانينات بعد ثلاث روايات لها، وفيها تتناول مشاهد من الحياة والخيال بعضها طويل، وبعضها تحت عنوان قصص قصيرة جدًا لا تتعدى الأسطر الخمسة.
أبطال حكاياتها من النساء القويات المؤمنات بأنفسهن مع اختلاف ظروفهن وشخصياتهن، الموظفة، الفلاحة، التلميذة، الخادمة، وممثلة المسرح؛ جميعهن تتجلى فيهن قوة النساء وقدراتهن على التغيير وقول لا. تتميز كتابتها فى هذه المجموعة باللغة البسيطة والنظرة القريبة لتفاصيل إنسانية ترويها لنا – بسيطة وعميقة – كما هى فى الحياة.
مثل "الفانتازيا" الموسيقية التى يفترض أنها لا تلتزم بتكوين أى قالب موسيقى تقليدي، ثم تتشكل أنغامها وألحانها، لتكشف وتستكمل قالبها الخاص لذا لم يوجد من قبل ولن يوجد من قبل ولن يوجد - أصلاً - من بعد أبداً.. مثلها، تتشكل قصص هذه المجموعة النادرة متحولة من تشكيل الحقائق موضوعية المنظور المحتوية على سر تركيب الواقع الفعلى بناسه وعلاقاته وأماكنه وأجوائه، واصلة إلى تشكيل المعانى المتجسدة فى صور الخيال، دون أن تفقد قدراتها على احتواء نفس سر الواقع الحميم، فبين قلق الجد على حفيدته - ابنة الشهيد - فى عالم لا يعرف الجد مدى خطورته ولا مدى تعقده وغواياته ولا مدى قوة الحفيدة نفسها، وحتى قلق "العاشقة" المحصور فى لقطات قريبة مركزة - على بطلها وناسها وأرضها، بينما يمتد خط إحساس رهيف مجدول من شفافية المأساة ومن احتدام الفرح بمواجهتها لا الفرق فيها.. خط رهيف يغوص أحيانا فى طين الأرض أو فى طوابا نفس مولعة بالخضرة والزرع، أو يحلق أحيانا حتى جمار النخلات وسط سعف القمم الخضراء، خط رهيف يغوص أو يحلق دون أن يرتد إلى الوراء بل يتقدم من لحن الافتتاح الواقعى إلى لحن الختام الخيالى لكى تتخلق شاعريته ويكتمل قالب الفانتازيا الخاص بألحانها من لحن (قصة) الإفتتاح حتى لحن الختام.
ورضوى عاشور، قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، نشرت بين 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة، من أهمها رواية الطنطورية (2011) ومجموعة تقارير السيدة راء القصصية، فى 2007، توجت بجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب فى اليونان، وأصدرت سنة 2008، ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لمريد البرغوتى بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى".