اعتبر رئيس الوزراء اللبنانى المكلف سعد الحريرى ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أن الاتهام القضائي الذي وُجه إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في قضية الانفجار المدمر الذي وقع بميناء بيروت البحري، يمثل انتهاكا لأحكام الدستور ويأتي في إطار استهداف سياسي لموقع رئاسة الحكومة .
وكان المحقق العدلي (قاضي التحقيق) فادي صوان قد وجه اتهاما رسميا إلى رئيس الحكومة حسان دياب، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بارتكاب جرائم الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص، وقرر أن تعقد جلسات تحقيق ابتداء من الإثنين المقبل لاستجوابهم.
وأجرى الحريري زيارة إلى السراي الحكومي (مقر رئاسة الوزراء) ظهر اليوم، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وخرجا معا ليعلن الحريري أمام الصحفيين أنه حضر للوقوف والتضامن مع رئيس الحكومة، ورفضه للاتهام الذي وجهه المحقق العدلي (قاضي التحقيق) فادي صوان إلى دياب .
و جاءت الزيارة واللقاء "لافتة" من حيث الشكل والمضمون معا، في ظل العلاقة التي سادها التوتر الشديد بين الحريري ودياب منذ تولي الأخير رئاسة الحكومة منذ شهر يناير الماضي، والخلاف على أسباب حدوث الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية والمسئولية عن وقوعها، على نحو تحول إلى خصومة سياسية مستعرة.
وقال الحريري: "أتيت إلى رئاسة الحكومة لكي أعبر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي فادي صوان بالادعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يشكلها المجلس النيابي".
وأضاف: "رئاسة الحكومة ليست للابتزاز وما حدث أمر مرفوض ونحن لن نقبل به. من حق أهالي الشهداء في انفجار ميناء بيروت البحري معرفة الحقيقة.. من حقهم أن يعرفوا من أدخل الباخرة التي حملت نترات الأمونيوم المتفجر ومن غطى عليها، أما التعدي على الدستور والادعاء على رئاسة الحكومة فهذا أمر مرفوض، وأنا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".
من جانبه، قال مفتي الجمهورية اللبنانية:"الادعاء على مقام رئاسة الحكومة هو استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصب في إطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معين دون آخر لتصفية حسابات سياسية".
وأكد الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان دعمه لـ"القضاء النزيه الشفاف مع الحرص على تحقيق العدالة وفقا لأحكام القانون والالتزام بالدستور".. مشددا على أن أي تسييس أو استنساب ادعاء لكشف حقيقة انفجار ميناء بيروت البحري، هو جريمة أخرى بحق لبنان.
وأضاف مفتي لبنان: "الكل مسئول في هذا الحادث المفجع، وليعلم الجميع أن الوطن لا يبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب. فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيدا عن الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".
على صعيد متصل، قال رئيسا الحكومة السابقان نجيب ميقاتي وتمام سلام، إن رئاسة مجلس الوزراء ليست مكسر عصا (بمعنى الاستضعاف) لأي كان، مشددين على أن العدالة لا تستقيم بمكيالين، وأن حق ذوي ضحايا انفجار ميناء بيروت البحري معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة.
وأضافا: "كيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة، وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطرة داخل ميناء بيروت البحري. الحق كل لا يتجزأ وليس استهداف أشخاص بعينهم افتراء".
كما نفى الوزيران السابقيان النائب علي حسن خليل والنائب غازي زعيتر، عن نفسهما مسئولية الإهمال والتقصير التي نسبها إليهما قاضي التحقيق، مؤكدين أنهما اتخذا كافة الإجراءات التي يحددها القانون للتعامل مع نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة داخل ميناء بيروت البحري طيلة 6 سنوات مضت بوصفها من المواد الخطرة، ومعتبرين أن قاضي التحقيق خرق الدستور وتجاوز الصلاحيات الممنوحة له بموجب القانون في الملف.
وبدا لافتا إصدار "حزب الله" لبيان اعتبر فيه أن الاتهام الصادر عن قاضي التحقيق، يحمل شبهة سياسية ولا يطابق أحكام الدستور وأنه لا يستند إلى أسس منطقية وقانونية.
وذكر حزب الله في بيانه: "نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي أدت إلى ما نعتقده استهدافا سياسيا طال أشخاصا وتجاهل آخرين دون ميزان حق، وحمل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل، وهذا سوف يؤدي مع الأسف إلى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلا من الوصول إلى حكم قضائي عادل".
وسبق لقاضي التحقيق أن استمع في شهر سبتمبر الماضي إلى أقوال رئيس الحكومة حسان دياب، على سبيل الاستدلال، وكذلك عدد من الوزراء المختصين الحاليين والسابقين، لاسيما وزارتي المالية، والأشغال العامة والنقل، باعتبار أن الوزارتين تعود إليهما الاختصاصات المتعلقة بإدارة وتشغيل الموانئ في لبنان.
ووقع انفجار مدمر بداخل ميناء بيروت البحري في 4 أغسطس الماضي جراء اشتعال النيران في 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار والتي كانت مخزنة في مستودعات الميناء طيلة 6 سنوات، الأمر الذي أدى إلى تدمير قسم كبير من الميناء، فضلا مقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، وتعرض مباني ومنشآت العاصمة لأضرار بالغة جراء قوة الانفجار على نحو استوجب إعلان بيروت مدينة منكوبة.