مع تصاعد الموجة الثانية لفيروس كورونا، تتجدد الظروف الدقيقة، فهى مثل أى أزمة، تكشف عن الجوانب الطيبة لدى بعض البشر، وأيضا عن الجوانب الشريرة، والمشاعر الطيبة أو الشريرة لا تظهر فجأة، لكنها موجودة داخل كل واحد توقظها الأزمة وتعيد ظهورها، وهذا الأمر ينطبق على أوقات المحن والحروب.
الموجة الثانية من الفيروس تتصاعد، وقد أعلنت وزارة الصحة وكل الجهات الطبية من جديد أهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وارتداء الكمامة، وفى كل الأحوال هناك إصابات، خاصة ونحن فى موسم الشتاء الذى يمثل ذروة العدوى عالميا. الدولة من جانبها تسعى من البداية لتوفير مستشفيات عزل، وأماكن، فضلا عن جرعات علاج أعراض كورونا، بكميات كافية، ومع الإعلان عن بدء استعمال اللقاح، تظهر علامات تفاؤل، من اللقاح الصينى سينوفارم، أو لقاحات فايزر وموديرنا وغيرها. ومع هذا يبدو أنه طبقا لآراء الأطباء والخبراء أمامنا فترة قد تصل ما بين 6 أشهر إلى عام كامل قبل حسم نتائج اللقاحات، وإن كانت تساهم على الأقل فى تقليل الأعراض وخفض الوفيات، وحتى هذا الوقت على الجميع الحذر.
ولهذا فإن الحاجة إلى المستشفيات وعلاج الأعراض الشديدة ستظل مستمرة، وهنا نشير إلى بعض السلوكيات التى تظهر فى بعض المعامل والمستشفيات الخاصة التى تضاعف من تكاليف الخدمة وتتاجر بالمرضى، وتفرض نوعا من الابتزاز على أهالى المرضى ممن يلجأون إلى هذه المستشفيات. ونعرف أنه بينما الدولة من البداية أعلنت عن مستشفيات عزل مجانية وخدمة طبية بدون مقابل. هناك بعض المرضى يفاجئهم الفيروس، ويضطرون للجوء إلى المستشفيات أو المعامل الخاصة. وبعضها يضاعف من مقابل التحليل، وبشكل مبالغ فيه، مما يعتبر استغلالا ومخالفة صريحة للقانون، وطبعا لكل قواعد الطب وأخلاقياته.
وسبق وأن ظهرت تجارة الأزمة من بعض المستشفيات والمعامل الخاصة التى تستغل الأزمة ترفع أسعار العلاج بدرجات تتجاوز الفندقة إلى أرقام خيالية، وهو أمر يمثل ضغطا جديدا على المستشفيات العامة والمركزية، وحتى الآن، فإن مستشفيات وزارة الصحة والجامعية هى التى تقوم بالدور الأكبر فى مواجهة فيروس كورونا.
وفى حالة التزام المستشفيات الخاصة بأسعار معقولة، يمكن أن تخفف الضغط على النظام الصحى، وهو دور طبيعى فى ظل أزمة عالمية وجائحة تهدد المجتمع كله، لكن بعض أو كل المستشفيات الخاصة ترى أنها فرصة للاتجار يجب استغلالها، وهو سلوك مشين يتنافى مع أى حس إنسانى أو مجتمعى، ويتطلب تكثيف الرقابة بشكل حاسم، وفرض عقوبات على المستغلين، لأنه يصعب الرهان على ضمائر هؤلاء وقد ماتت، والقانون صدر لكى يطبق، وفى حالات الأزمات والكوارث، يحق للدولة أن تفرض إجراءات استثنائية، وتعتبر كل المنشآت الطبية تحت طلب الجهات الطبية الرسمية. وهى قواعد لم نصل إليها، وليس أقل من توسيع الرقابة على المستشفيات الخاصة، بشكل يمنع الاستغلال، والواقع أن المستشفيات الخاصة أو بعضها تتبع طريقة خبيثة، فهى تعلن عدم وجود أماكن للعزل، ثم تبدأ عملية مساومة لأهل المريض، ومفاصلة حتى تحصل على الآلاف، ثم تظهر الأماكن والأسرّة.
وفيما يتعلق بالأدوية فإن بعض الصيدليات تخفى الأدوية وتظهرها أو تبيعها فى سوق موازية سوداء، أو تحرم المريض من أدوية تواجه أعراض الكورونا، وتؤخر شفاء المريض وقد تعرضه للخطر. وهناك ضرورة لتشكيل لجان مراقبة وتفتيش تتابع عمل الصيدليات، وتتصدى لتجار الأزمة.
هناك ضرورة لمواجهة تجار الأزمات بحسم مع كورونا وغيره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة