أنهت انتخابات مجلس النواب الأخيرة ظاهرة سيطرة الحزب الواحد على مقاعد المجلس والتى كانت عُرفا راسخا على مدار سنوات عديدة من الحياة البرلمانية المصرية بدءً من الحزب الوطنى المنحل الذى أرسى هذه القاعدة مرورا بحكم الجماعات الظلامية لمصر لمدة عام سعت فيه هى الأخرى للهيمنة والسيطرة على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها.
وبقراء الأرقام المتعلقة بتشكيل المجالس السابقة نجد أنه فى مجلس شعب 2000-2005 حصد الحزب الوطنى المنحل 393 مقعدا من أصل 454 مقعد بنسبة نحو 87% من مقاعد المجلس، وتكرر الأمر نفسه فى مجلس الشعب فى دورته 2005-2010 حيث احتل الحزب الوطنى 302 مقعدا من أصل 446 مقعد بنسبة بلغت نحو 67%.
وفى انتخابات مجلس الشعب 2010 واصل الحزب الوطنى المنحل سيطرته المُطلقة على الأغلبية المُطلقة وحصد 428 مقعدا من أصل 513 بنسبة بلغت نحو 84%، ما تسبب فى إشعال الغضب لدى القوى السياسية والأحزاب المختلفة، كما أن تلك الخطوة كان لها أثرا بالغا فى إثارة الرأي العام وشحنه ضد سياسات الحزب وسعيه للهيمنة المستمرة واللامتناهية على مقاعد المؤسسة التشريعية والرقابية في مصر، وقامت ثورة 25 يناير 2011 لتُنهى أسطورة الحزب الوطنى وتم حل مجلس الشعب.
وعقب قيام ثورة يناير عام 2011 تم إجراء انتخابات مجلس الشعب مرة أخرى، إلا أنه يبدو أن الزمة لم تكن في الحزب الوطنى وحده، فقد ظهر على الساحة فصيل أكثر خطورة على الدولة المصرية وأشد فتكا بوحدة وتماسك مواطنيها وهو فصيل الإخوان المسلمين الإرهابى وتيارات الإسلام السياسى الداعمة لها والتي جاءت لتنفيذ مخطط شيطانى للسيطرة على مفاصل ومؤسسات الدولة المصرية.
وبدأت تلك الجماعات تنفيذ مخططها للهيمنة والسيطرة باحتلال 328 كرسيا من أصل 508 بنسبة بلغت نحو 64% من مقاعد السلطة التشريعية والرقابية، إلا أن المصريون، وبعد عام واحد من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، رفضوا تكرار تجربة الحزب الوطنى المنحل فى عباءة الدين وثاروا على حكم الجماعة الإرهابية فى 30 يونيو 2013 وأطاحوا بالجماعة وأذنابها.
وجاءت دولة 30 يونيو لإنهاء سيطرة الحزب الواحد على مقاعد السلطة التشريعية لضمان تمثيل ملائم وعادل لكافة الأحزاب الفاعلة على الساحة السياسية، وجاءت انتخابات مجلس النواب 2016-2021 ليحتل المستقلون النسبة الأكبر من عدد مقاعد المجلس بواقع 351 عضوا من أصل 596 مقعدا بنسبة 58.89%.
وكشفت التجربة العملية خلال السنوات الخمس عن صعوبة إدارة هذا العدد الضخم من المستقلين باختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية وأيدولوجياتهم الفكرية تحت قبة المجلس، وجاءت انتخابات مجلس النواب 2020 أكثر نُضجا حيث أجمع 12 حزبا سياسيا من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية على المشاركة بالقائمة الوطنية من أجل مصر وخوض الاستحقاق الانتخابى.
وكان لتلك القائمة أثرًا بالغًا فى التعددية الحزبية تحت قبة المجلس حيث ضمنت تمثيل أكبر عدد ممكن مكن الأحزاب تحت قبة المجلس، وكما هو الحال في كل مجالس العالم كان هناك حزبا ممثلا للأغلبية وهو حزب مستقبل وطن الذى نجح فى حسم نحو 53% من مقاعد المجلس المقبل عبر القوائم الأربعة وعدد لا بأس به من مقاعد الفردى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة