نجيب سرور، النبيل المغدور، العظيم المقهور، والموهوب المظلوم، أكثر أبناء جيله تعرضا للظلم، فالنجيب مسلوب حقه، ومهدور أدبه وإبداعه، عاش محروما مقهورا، ومات مظلوما، مختزلين الحكم عليه فى قصيدة واحدة جريئة، رغم تنوع إبداعه وتعدده.
على مدار 42 عاما، ظل نجيب سرور، مهدر الإبداع والسيرة، قليل الحظ، رغم موهبته الفذة، قليل الذكر رغم كثرة ما تركه من أثر في الوجدان، لكن يبدو أن الدورة الثالثة عشرة من المهرجان القومى للمسرح، أعادت جزءا ولو بسيطا من حق وقيمة صاحب "لزوم ما يلزم" بتكريم اسمه مع عدد من كوكبة ونجوم "أبو الفنون" من بينهم اسما الراحلين الكبيرين محمود ياسين، والمنتصر بالله، والكبير صلاح السعدني، والجميلة سهير المرشدي.
على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وقف الفنان محمد رياض مقدم حفل افتتاح المهرجان القومي للمسرح في دورته الـ13، يعلن أسماء المكرمين، وفاجأ رياض الحضور بإعلان تكريم اسم الراحل الكبير نجيب سرور، كأحد أهم كتاب المسرح، تكريم حسبه "رياض" تكريما للحضور جميعا والمسرحيين عامة، وحسبته أنا تكريما للفن والإبداع الصادق.
بمجرد أن قال "رياض" اسم "سرور" انخرط الجميع في تصفيق استمر دقائق، بينما فضل البعض الوقوف ابتهاجا واحتراما لهذا الاسم الكبير قيمةً وفنا، وبينما ابتهجت أنا مسرور بهذا الاحتفاء، سمعت همسات الإشادة بهذا التكريم المستحق "المتأخر" كثيرا، إلا أن الجميع اتفق أنه تكريم جريء يستحق عليه الإشادة كل من وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عقد الدايم، وإدارة المهرجان القومي للمسرح برئاسة الفنان يوسف إسماعيل.
سعدت كثيرا بتكريم نجيب سرور، اغرورقت عيني عندما سمعت اسمه ضمن المكرمين، لكنني في الوقت نفسه تساءلت هل هذا التكريم والدرع الذي منح لاسمه وسيودع في المركز القومي للمسرح، كافيا لإعادة الاعتبار للنجيب الراحل؟ بالطبع كانت إجاباتي: لا.
أعتقد أن إعادة معالجة نصوص الراحل الكبير نجيب سرور مسرحيا، هو المناسب لرد اعتباره، وأن تقدم هيئات مثل الثقافة الجماهيرية والبيت الفني للمسرح، معالجات مسرحيات الراحل الكبير هو التكريم الأمثل والحقيقي الذي يستحقه منا هذا النبيل.
واعتقد أيضا أن إعادة نشر أعماله الكاملة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضرورة ملحة لإعادة الضوء على إبداعاته المظلومة والمختزلة، وأصبح من المهم إعادة تداول أعماله مسرحيا ودراميا أيضا، حتى لا ننسى، ويصبح فارس الكلمة منسيا فى زمان كان.