نقرأ معا كتاب "لعنة قايين.. حروب الغاز من روسيا وقطر إلى سوريا ولبنان" لـ كمال ديب، والذى يقول إن حروب الغاز ليست معارك عسكرية وصواريخ وأساطيل، بل هى أكثر تعقيداً، بدأت صراعاً على منابع الغاز وطرق الإمدادات، واشتعلت حروباً من وسط آسيا إلى سورية وأوكرانيا وإفريقيا، وتخللتها مواجهات قانونية وعقوبات ومقاطعة بين دول وشركات.
ويتساءل المرء كيف أن الدول العربية وإيران، لمدّة مائة عام، امتلكت معظم احتياط النفط (60%) فى العالم – وهو السلعة الأساسية لتحريك عجلة الاقتصاد العالمى – ولم تستفد منه لخدمة مصالحها العليا، فى حين استعملت أميركا كل مواردها – حتى القمح – كأسلحة استراتيجية، وتستغّل روسيا غازها الطبيعى لتعود دولة عظمى، فالكلام عن الغاز لا يقتصر على الاقتصاد، بل هو حاضر فى الجيوبوليتيك بعدما أصبح سباق الهيمنة على العالم صراعاً على الغاز الذى غدا اليوم كما النفط فى الأمس مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الأمم كافة.
ووفق الإرث الدينى للمشرق العربى، هابيل وقايين (أى قابيل) هما ولدا آدم وحواء يعملان معاً، الأول مزارع والثانى راعٍ لكل الحسد أصاب قايين الذى قتل أخاه واستحوذ على الثروة لنفسه، فأصابته لعنة الرب أو "لعنة قايين"، والنفط هو "لعنة قايين" العرب، ففى القرن العشرين كان حلم النهضة العربية حاضراً بقوة، ثم جاء الاستعمار الغربى وقسّم العرب ورسم بينهم حدوداً وفق توزيع ثروة النفط وجعل عليها أمراء بعدد سكان قليل، تاركاً الثقل السكانى العربى خارجها، ثم دفع الاستعمار "الأخ ليقتل أخاه"، فاستُعملت ريوع النفط وقوداً لقتل العرب وذبح فلسطين.
أمّا فى القرن الواحد والعشرين، وُلدت لعنة ثانية على العرب هى الغاز الطبيعى، لتصبح الشعوب العربية وبلاد العرب وقوداً فى "حروب الغاز".
ويقول الكتاب إن حروب الغاز ليست معارك عسكرية بل هى أكثر تعقيداً، بدأت صراعاً على منابع الغاز وطرق الإمدادات واشتعلت حروباً من وسط آسيا إلى سوريا وأوكرانيا وأفريقيا. فالصراع بدأ عن طريق مد أنابيب الغاز والنفط والعوائق التى تهدد بيعها.
يقول الكاتب إن هذا الكتاب هو ثمرة عام ونصف من البحث والكتابة وهو يتضمن أحد عشر فصلاً هى التالية: تاريخ الغاز الطبيعى حول الغاز، تطبيقات علم الاقتصاد، أسباب صعوده وتراجع النفط، أميركا تشعل حروب الغاز، أوراسيا وعودة روسيا، الصين ووسط آسيا، حروب الغاز ولبنان، لعنة الغاز والحرب السورية، حروب الغاز فى شمال إفريقيا، أميركا تشعل حروب الغاز 2010 -2017، أوراسيا: الجيوبولتيك الدولي.
يرى بعض المراقبين ومحللى قطاع الطاقة أن أحداث المشرق العربى منذ عام 2011 تتعلق بالدرجة الأولى بالغاز الطبيعي، فالغاز أصبح مادة الطاقة الرئيسية فى القرن الحادى والعشرين بعد تراجع احتياطى النفط وهو أقل ضرراً للبيئة.
ولأن الغاز مصدر الطاقة الاستراتيجى على الصعيد العالمي، أبدت أميركا والصين وروسيا وألمانيا، اهتماماً كبيراً بمصادر الطاقة، وبخاصة الغاز، فى الخليج ودول شرق المتوسط وشمال أفريقيا.