سعادتى بالحوار أو الجدال أو السجال الذى حدث بين فضيلة الإمام الدكتور الطيب ، والدكتور محمد عثمان الخشت على هامش المؤتمر العالمى لتجديد الإسلامى لا توصف ، ورغم ملاحظاتى عليه الا أننى أراه أهم حوار فكرى حقيقى حدث فى ملف تطوير الخطاب والفكر الدينى ، لأننا دائما نتحدث ونلجأ الى تنميق الكلام ، ونحوم حول الحمى ، وكل منا يذهب الى بيته لديه قناعاته التى يتمسك بها ، وينشرها بين تلاميذه ومريديه ، ولا شىء بعد ذلك ، ولكن الحوار الذى دار ، حرك المياه الراكدة فى بركة تجديد الفكر الإسلامى ، ولولاه ما شعر العامة بما حدث فى هذا المؤتمر ، وكان مصير هذا المؤتمر هو نفس مصير سابقيه من المؤتمرات التى تعقد ربما كل اسبوع فى جامعاتنا المنتشرة على مستوى العالم الإسلامى ، مجرد كلام عقيم ، وطنطة لا تسمن ولا تغنى من جوع ودراسات تطبع وتوضع على الأرفف... الدقائق التى دارت فى الحوار بين الطيب والخشت كانت" أبرك " من الساعات الطوال التى لا قيمة لها .. ولنعترف أن الحوار أو المناظرة العلمية والسجال لم نعتدها فى عالمنا العربى ، ونرى أن الذين يتحاورون ، ويختلفون هم بالضرورة أعداء أو أن كل طرف لابد أن يوقع بالطرف الآخر ، ولا يعلم هؤلاء أننا فى هذه الحالة فى ساحة علم ، ولسنا فى ساحة نزال ،أو برامج توك شو أو الإتجاه المعاكس، قد يعتقد البعض ،على غير الحقيقة ، أن هناك شىء ما بين الطيب والخشت ، لأننا تربينا على ألا نتجادل بالحسنى .
اهتمام العامة بالحوار رغم انه ليس موجها لها قد يكون فى حد ذاته شىء إيجابى ، وادى الى محاولة تعرف الناس على بعض المصطلحات التى ربما يستمعها البعض لأول مرة ، ولكن الذى لم ارض عنه ، هو انقسام الناس الى قسمين ، قسم من شيعة الطيب ، وقسم من شيعة الخشت ، ولا يعرف الناس أن كلاهما يستهدفان غاية واحدة هو تجديد الفكر الإسلامى وان اختلفت الوسائل ، السيىء فى الأمر هو التصفيق المتتالى من رجال الأزهر لكل تعليق كان يقوله فضيلة الإمام فى مداخلته ، وكأننا فى مسابقة ، وهو ما أوغر صدر الدكتور الخشت ، وجعله يتوتر ، ويهم بأن يتوقف ولا يكمل ، الغريب فى الأمر أن الجزيرة وأشباهها من القنوات التى تحاول أن تصطاد كعادتها فى الماء العكر ، صورت الأمر وكأنه حرب على الإسلام وان الإمام يحارب دفاعا عما يريده النظام بالإسلام ، ولا يعلم هؤلاء المرضى أن الطيب والخشت كلاهما من خندق واحد وان اختلفت أرضيتهما ، وأن كلاهما يدافع عن الإسلام وتجديد فكره وخطابه ، وكلاهما أبناء شرعيين للدولة المصرية ، وليسا من الخونة الذين باعوا أوطانهم وتاجروا بالدين من أجل دراهم معدودات . الأهم فى رأيى ان نبنى على الحوار الذى تم ، ويككون لدينا عدة حوارات مثله ، لأن هذا التلاقح هو الذى سيؤدى الى منتج جديد يجدد الفكر ، ويحل الإشكاليات التى نعيشها ، والأهم ان يواكب هذا الخطاب العصر الذى نعيشه ، بما لايمس العقيدة او ثوابت الدين .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة