يوسف أيوب

أفريقيا فى العقل المصرى

الإثنين، 10 فبراير 2020 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخطئ من يظن أن الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى لمدة عام، التى انتهت رسميا، أمس الأحد، بتسليم الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئاسة إلى سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، خلال القمة الـ33 للاتحاد المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هى نهاية التحركات الإستراتيجية التى تقوم بها مصر لخدمة قضايا القارة وأبنائها، بل هى إحدى المراحل التى مرت بها العلاقات المصرية الأفريقية، والمستمرة ضمن إستراتيجية عامة أكثر شمولاً، وضعتها القارة السمراء ضمن أولويات السياسة الخارجية المصرية.
 
فمنذ 2014 بات واضحاً للجميع أن لمصر سياسة خارجية مغايرة لما كانت عليه فى السابق، وأن القارة السمراء تحتل موقع الصدارة ضمن هذه الإستراتيجية، ولم يقتصر الأمر على مجرد أفكار ورؤى، بل شهدت السنوات الماضية تحركات مصرية على الأرض، أثبتت للأفارقة أنفسهم أن علاقاتهم بالقاهرة تأخذ مساراً مغايراً، وضع أسسه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان ومازال حريصاً فى كل مشاركة دولية أن تكون قضايا القارة الأفريقية على جدول الأعمال والنقاش، وليس ذلك فقط، وإنما وضع كل الأفكار موضع التنفيذ، وبطبيعة الحال ستستمر هذه التحركات بنفس الوتيرة التى سارت عليها مصر فى العام المنقضى وما قبله، لأننا نتحدث عن إستراتيجية مستمرة وليست عارضة.
 
الرئيس السيسى أكد على هذا المعنى فى كلمته بافتتاح القمة الأفريقية أمس بقوله: «أعدكم بأن الجهود التى بذلتها مصر خلال رئاسة الاتحاد الأفريقى لن تكون نهاية المطاف، وستظل مصر لدورها التاريخى لتعزيز أطر العمل الأفريقى المشترك، والتنسيق ومتابعة كل المبادرات والأنشطة التى أطلقتها الرئاسة المصرية خلال رئاستها للاتحاد لضمان الاستمرار فى المستقبل واستثمارها على المستوى الأمثل».
 
فقبل الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى، كان الرئيس السيسى هو الداعى والداعم أيضاً لإنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية، والدمج بين التكتلات الاقتصادية الثلاثة فى القارة، وهو التحول الأكبر الذى شهدته أفريقيا على مدار عقود طويلة، وبجانبه الكثير من المبادرات التى أطلقتها القاهرة، ولم تتركها دون آليات للتنفيذ والمتابعة، فعلت القاهرة ذلك قبل أن تتولى رئاسة الاتحاد، وستفعل ذلك بداية من اليوم بعد انتقال الرئاسة لرئيس جنوب أفريقيا.
 
ما قاله الرئيس فى القمة الأفريقية، أمس، بشأن استمرار التحركات المصرية، هو النهج الذى تسير عليه مصر منذ 2014 وحتى اليوم، ومستمرة فى السير فيه، خاصة أن الأجندة المصرية تجاه القارة لاتزال مليئة بالكثير، ولن يكون إعلان الرئيس استعداد مصر الكامل لاستضافة قمة أفريقية مخصصة لبحث إنشاء قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب، هو نهاية المطاف، لأن القاهرة ترفع دوماً شعار العمل الجماعى لتحقيق السلم والأمن فى القارة السمراء، آخذا فى الاعتبار أن القاهرة كانت صاحبة المبادرة الداعمة للشباب الأفريقى، التى كان لها مردود قوى وفعال فى دول القارة، والتى كانت من نتاجها إطلاق «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الأفريقى» الذى احتفل الأسبوع الماضى بتخريج الدفعة الثالثة، ويستعد حالياً لاستقبال الدفعة الرابعة، وهو البرنامج الذى يهدف إلى تشكيل قيادة شبابية أفريقية قادرة على مواجهة التحديات، وقادرة أيضاً على تحمل المسؤولية.
 
الشباب هم عماد التغيير والتقدم أيضاً، هذا هو النهج الذى سارت عليه مصر، وتحدثت به مع أشقائها الأفارقة، ففى كل مناسبة قارية، نجد الرئيس دوماً يوجه رسالة خاصة لشباب أفريقيا، تدعوهم إلى التفكير فى المستقبل، وأن يكونوا عناصر البناء لدولهم، وهو ما أكد عليه الرئيس أمس بقوله للشباب الأفريقى: «لا يزال الطريق نحو المستقبل وتحقيق التنمية للقارة الأفريقية ممتدا باتساع آمالكم، ولا بد من السير على هذا الطريق بالعمل الجاد والفكر الثاقب، معتمدين على القدرة الذاتية الوطنية القارية، مع الترحيب بأى تعاون دولى على أساس الاحترام والمنفعة المتبادلة، ولا أقول لكم لا تهتموا بالصعاب ولكن أدعوكم للمواجهة، وإننى على ثقة فى قدرتنا على تغيير الواقع وصياغة مستقبل أفضل، يضعنا فى مكاننا المستحق بين دول وقارات العالم».
 
ولا ننسى أن الرئيس السيسى هو أول من اصطلح «إيجاد حلول للمشاكل الأفريقية»، وهو الشعار الذى لاقى تجاوباً كبيراً لدى الأفارقة، وكانت له نتائج عملية، من خلال تدخلات أفريقية داخلية لحل مشاكل بين دول القارة، عملاً بقاعدة أن أهل مكة أدرى بشعبها.
 
كل هذه شواهد تؤكد أن أفريقيا ستظل فى قلب ولب مصر ورئيسها، سواء كانت رئاسة الاتحاد الأفريقية لدينا أو عند غيرنا، لأن الهدف الدائم الذى تسعى له القاهرة هو تحقيق السلم والأمن والتنمية للقارة المليئة بالكثير من الخيرات والقدرات الكامنة، التى بحاجة فقط لمن يحسن استغلالها، وليس سرقتها.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة