بعد أن ألقى أهل مدينة بغداد السلاح، وبعد أن قتلت هذه الصفوة، وبعد أن انساب جند هولاكو إلى شوارع بغداد ومحاورها المختلفة، فى حاضرة الدولة العباسية وعاصمة الخلافة الإسلامية يوم 9 صفر 656 هـ / 10 فبراير 1258م، أصدر هولاكو أمرة الشنيع باستباحة بغداد، بتكليف من الخاقان الأكبر مونكو خان الذى طلب من أخيه هولاكو استكمال فتوحات المغول فى جنوب غرب آسيا التى كان قد بدأها جدهما جنكيز خان، وهو ما قام به هولاكو حيث تمكن جيشه من اقتحام بغداد بعد أن حاصرها 12 يومًا، واتوا على كل ما فيها، فخربوا المساجد بقصد الحصول على قبابها الذهبية، وهدموا القصور بعد أن سلبوا ما بها من تحف نادرة وأباحوا القتل والنهب وسفك الدماء، ولكن ماذا فعل التتار مع مكتبه بغداد الهائلة؟.
جزء من الغزوات المغولية
حمل التتار الكتب الثمينة، ملايين الكتب القيمة، حسب ما جاء في كتاب "المغول بين الانتشار والانكسار"، للمؤلف على محمد الصلابى، وألقوا بها جميعًا فى نهر دجلة، وألقى المغول بمجهود القرون الماضية في نهر دجلة، وتحول لون المياه إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب حتى قيل إن المغول كانوا يعبرون فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة أخرى.
خارطة تبين مسار الحملات العسكريَّة المغوليَّة خِلال عهد جنكيز خان.
ويشير كتاب "المغول بين الانتشار والانكسار"، إلى أن هذه جريمة فى حق الإنسانية، وتكررت عبر التاريخ في الأندلس في مكتبة قرطبة وغرناطة وطليطلة وأشبيلية وبلنسية وسرقسطة وغريها، وفى مكتبة طرابلس اللبنانية فأحرقوا ثلاثة ملايين كتاب، وفعلها الصليبيون والنصارى فى فلسطين، فى مكتبة غزة والقدس وعسقلان، ثم فعلها بعد ذلك المستعمرون الأوروبيون الجدد والذين نزلوا إلى بلاد العالم الإسلامى فى القرن التاسع، وبكن هؤلاء كانوا أكثر ذكاء، فإنهم سرقوا الكتب ولم يحرقوها، ولكن أخذوها إلى أوروبا.
خارطة لبغداد العباسية
وأكد الكاتب، إلى أنه مازالت المكتبات الكبرى في أوروبا تحوى مجموعة من اعظم كتب العلم في الأرض، ألفها المسلمون على مدار عدة قرون متتالية، ولا يشك أحد في أن أعداد الكتب الأصلية الإسلامية في مكتبات أوروبا تفوق كثيرًا أعداد هذه المراجع الهامة في بلاد المسلمين أنفسهم، لقد كان هم الغزاة على طول العصور أن يحرموا هذه المة من اتصالها بأى نوع من أنواع العلوم، إما بحرق الكتب أو بإغراقها في الأنهار أو بسرقتها أو بتغيير مناهج التعليم، حتى تفرغ من كل ما هو قيم وثمين.
كتاب المغول
واتبع المؤلف، وبعد أن فرغ المغول من تدمير مكتبة بغداد انتقلوا إلى الديار الجميلة، وإلى المباني الأنيقة فتناولوا جلها بالتدمير والحرق، وسرقوا المحتويات الثمينة فيها، أما ما عجزوا عن حملة من المسروقات فقد احرقوه وطلوا كذلك حتى تحولت معظم ديار المدينة إلى ركام، وإلى خراب تتصاعد منه ألسنة النار والدخان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة