اختتمت الطوائف المسيحية أسبوع الصلاة من أجل الوحدة الذي ينظمه مجلس كنائس مصر للعام الرابع على التوالي وسط أصوات متطرفة ترفض الصلاة المشتركة بين الكنائس المختلفة في الإيمان والعقيدة كنتاج طبيعي لسنوات الانغلاق التي عاشتها الكنيسة القبطية إبان سيطرة تيار الصقور التقليدي المتشدد على مقاليد الأمور في كاتدرائية مارمرقس
أسبوع الصلاة ينهي عصر الازدواجية الكنسية
ارتفعت الأصوات المتشددة التي عارضت أسبوع الوحدة ما بين الطوائف المسيحية وانشغلت الكتائب الإلكترونية المحسوبة على تيار الصقور المتشدد في الكنيسة القبطية تهاجم الصلوات المشتركة بين الأرثوذكس وغيرهم من الكاثوليك والإنجيليين والانجليكان بعد أن تربى هؤلاء على كنيسة الصوت الواحد التي كانت تكفر الإنجيليين وتنال من عقائد الكاثوليك على منابرها وفي كتابات الآباء المحسوبين عليها بينما تسعى لعقد اتفاقات شراكة مع نفس الكنائس المختلفة في العقيدة نظرًا لما تتمتع به من تواجد دولي إذ تعتبر الكاثوليكية هي الطائفة الأكثر انتشارًا في العالم المسيحي وتتمثل في دولة الفاتيكان وكافة الكنائس التابعة لها في الغرب والشرق، أما الكنيسة الإنجليكانية فهي كنيسة المملكة البريطانية بينما يحظى البروتستانت بانتشار واسع في ألمانيا والولايات المتحدة غير أن هذا الانتشار والتواجد الدولي أغرى صقور الكنيسة بعقد اتفاقات وحضور مؤتمرات دولية مع تلك الكنائس بل والصلاة المشتركة معهم دون أن تتوقف عن تكفيرهم في الداخل
الانبا بيشوي مع الانجليكان
الانبا بيشوي مطران كفر الشيخ الراحل كان أبرز من لعب هذا الدور إذ احتل لسنوات منصب رئيس لجنة الحوار اللاهوتي للكنيسة القبطية ومثلها في كافة المؤتمرات الدولية حتى إذا جاء عصر البابا تواضروس الذي أزاح رجال الحرس القديم عن مناصبهم تلك وخفتت أصوات التكفير لصالح تيار الإصلاح الكنسي الذي كان مبعدًا أيام البابا شنودة متمثلًا في القمص متى المسكين وتلاميذه من الرهبان
الانبا بيشوي مع طوائف أخرى
مواقع التواصل الاجتماعي شهدت سجالات واسعة بين مؤيدي التيار التقليدي المتشدد وبين المحسوبين على تيار الإصلاح الكنسي إذ تبارى الطرفان في نشر صور قديمة لصلوات مشتركة جمعت الأنبا بيشوي ببابا الفاتيكان الراحل وقيادات الكنيسة الإنجيليكانية وذلك للرد على الاتهامات التي طالت البابا تواضروس بعدما أقدم على الفعل ذاته متمسكًا بخطاب واحد في الداخل والخارج يؤمن فيه بضرورة الوحدة بين الكنائس كأعضاء في جسد المسيح الواحد
البابا تواضروس بدوره خصص أسبوع الصلاة من أجل الوحدة لما اطلق عليه "الاستنارة" في رسالة رفض ضمنية للمتشددين التي ترفض توجهاته الإصلاحية وقال: نه من أجل الخطية والذات والأفكار الضيقة وعدم قبول الآخر، انتشر في العالم ما نسميه بهذا الانقسام، حيث ظلت الكنيسة واحدة دون انفصال لمدة 5 قرون.
وتابع قائلا: إن الاجتماع من أجل الوحدة هو بمثابة أمل ليكون الجميع واحدا، موضحا : "الاستنارة" لا يملكها كل أحد، فقد يملك الإنسان الإيمان ولكنه لا يملك الاستنارة، وأن أول عمل قام به الله منذ بدء الخليقة هو أنه فصل بين النور والظلمة.
الانبا بيشوي
وشدد قداسة البابا تواضروس الثاني، إن السيد المسيح قال عن نفسه "أنا هو نور العالم"، لأنه ينير ظلمة الفكر، موضحا أن الكتاب المقدس والمعارف والكلمات المقدسة تنير ذهن الإنسان، وأنه يجب أن يتحلى الشخص بالسلوكيات التى تعبر عن ذلك النور وعن السلوكيات الطيبة النابعة من القلب.
من جانبه القس رفعت فكري، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، إن الإيمان بالوحدة بين الطوائف المسيحية ليست بدعة ولا سبة ولا جريمة، ولكنها فكر يتماشى مع الإيمان بالمسيحية.
وأضاف "فكري" في تصريحات له على هامش انعقاد أسبوع الصلاة من أجل الوحدة المسيحية: إن الوحدة التى نسعى إليها ككنائس هي وحدة التكامل وليس وحدة التماثل وتنوعنا غنى وتعدديتنا ثراء، مؤكدا: إن الانقسام يجعل نور المسيح غير مكتمل فينا ولكن بمحبتنا لبعضنا البعض فنحن نقدم أعظم شهادة وأبلغ عظة عن المسيح".
واستشهد الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط بقول أحد اللاهوتيين وهو يؤكد ضرورة السلام بين الكنائس، حين قال "لو راعينا مبدأ الوحدة في الأمور الجوهرية والحرية في الأمور غير الجوهرية والمحبة في كل الأمور لكانت أوضاعنا حتماً في أفضل حالة ممكنة".
وشدد فكري على ضرورة أن تتجاوز الطوائف المسيحية انقسامات وخلافات القرون الماضية، وأن تقترب أكثر من بعضها البعض، مضيفا: إن طريق الوحدة الحاضنة للتنوع ليس طريقًا مفروشاً بالورود والريحان، ولكنه طريق مليء بالصعوبات، ومحفوف بالمخاطر وحافل بالأشواك، ولكننا سنسير فيه مهما واجهنا من تعصب أو صعوبات، مؤكدا: لابد أن يعلو صوت الحب على الحرب، وأن ينتصر السلام على الخصام، وأن يفوز النور على الظلام
تاريخ أسبوع الصلاة من أجل الوحدة .. يرجع لزمن المسيح
تاريخ أسبوع الصلاة هذا بدأ مع يسوع عندما صلّى صلاة الوحدة قبل آلامه: “يا أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي ليكونوا واحِداً كما نَحنُ واحِد” (يو١١:١٧
وفي عام 1908 قام القس الأمريكي الأنغليكاني بول واتسون بمبادرة أسبوع صلاة من أجل وحدة المسيحيين يمتد من اليوم الثامن عشر من شهر كانون الثاني، تذكار قيام كرسي بطرس في روما، إلى اليوم الخامس والعشرين، تذكار ارتداد الرسول بولس”
وفي عام 1933 بدأ الأب الفرنسي بول كوتورييه في بلجيكا بتنظيم ثلاثية من 20 إلى 22 من يناير. ثم تحوَّلت الثلاثية إلى أسبوع (18-25 يناير)، دُعي أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين وفي عام 1935 اشترك بعض الأرثوذكسيّين بهذا الأسبوع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة