«تمثيلية رخيصة».. أفضل وصف لما فعله رجال أردوغان فى العمرة بالمملكة العربية السعودية، وهى تمثيلية لم تعد تصلح فى عصر المعلومات والسماوات المفتوحة، أردوغان كلف عددا من أعضاء حزبه ليهتفوا للقدس والأقصى أثناء تأدية العمرة، بينما يتركون سفارة إسرائيل على بعد أمتار فى إسطنبول، وخليفتهم العثمانى غارق حتى أذنيه فى التعاون والتنسيق العسكرى والسياسى مع تل أبيب، لدرجة أن رئيس وزراء الاحتلال سخر من تصريحات أردوغان وقال له: العب غيرها أيها الحليف.
نيتانياهو يعرف أن التعاون العسكرى والتجارى والصناعى بين إسطنبول وتل أبيب فى أقصى درجاته، ويبتسم وهو يرى قنوات أردوغان تهاجم كل الدول العربية ومشروع ترامب لدعم إسرائيل، أردوغان ولجانه وحزبه يهاجمون الدول العربية ويتجاهلون أن إسرائيل حليفة العثمانلى هى التى تحتل الأراضى الفسطينية وتسعى لابتلاعها.
ومن حيث أراد أردوغان أن يقدم مشهدا دراماتيكيا مؤثرا، يغطى على علاقاته العلنية العسكرية والسياسية مع إسرائيل، قدم بدلا منه مشهدا كوميديا يثير الضحك، وقد اعتاد أردوغان أن يطرح خطابا حماسيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بصفته أحد الداعمين لها من كل جانب، لكنه دعم دعائى يتناقض مع التعاون العلنى والرحلات المستمرة بين إسطنبول وتل أبيب.. المشهد الكوميدى فيديو واضح، تم التجهيز والإعداد له لفترة طويلة بعدد من مهابيل أردوغان توجهوا لتأدية العمرة فى الكعبة وأثناء السعى بين الصفا والمروة رددوا هتافات للأقصى والقدس، بينما زعيمهم رجب أردوغان غاطس حتى رقبته فى التعاون العسكرى والاقتصادى مع إسرائيل، بل إنه ينسق مع تل أبيب فى العدوان على الأراضى السورية.
حظى وفد أردوغان فى العمرة بكمية هائلة من السخرية، لأنهم تركوا سفارة إسرائيل فى إسطنبول التى لا تبعد عن منازلهم سوى أمتار، وراحوا يهتفون للقدس فى مكة، وكان الأولى كما ذكر المعلقون على الفيديو الأردوغانى أن يبقى الهتافون فى إسطنبول ليعبروا عن أرائهم ضد العدوان الإسرائيلى، ويشاهدوا زعيمهم أردوغان وهو يتعاون مع الإسرائيليين فى قصف سوريا.
نسى أردوغان ولجانه الإخوانية الفكاهية أن العالم اليوم مفتوح على أبوابه وأن السماوات والرؤوس مفتوحة ولم تعد الألاعيب يمكن أن تمر على عاقل طبعا باستثناء كتائب عبيد العثمانلى فى تركيا ممن يتلقون رواتبهم من أجل أن يكتبوا «بوست واحد» بنفس العبارات يشيدوا فيه بما تقدمه تركيا للأقصى، و لا يجرؤ تركى محترم على ترديد الكلام المضحك.
وفد أردوغان فى العمرة أثار ضحكا وسخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعى، وحتى أعضاء جماعة كل واشكر من حاملى الجنسية المصرية فى قنوات تركيا الممولة قطريا، عجزوا عن لعب الدور المتكرر، علاقة أردوغان بإسرئيل لم تعد تخفى على أحد، وهناك 70 رحلة طيران أسبوعية بين تركيا وإسرائيل، وتنسيق واضح بين قوات الغزو التركى لسوريا وهجمات الطيران الإسرائيلى على الأراضى السورية، ولم يفتح أردوغان فمه ليعترض على ضرابات الطيران الإسرائيلى، وهى ضربات تصب لصالح الأتراك.
لم يفكر أردوغان فى إرسال عبيده إلى تل أبيب لعلهم يعارضون التهويد والاستيطان، بدلا من إرسالهم لتقديم مسرحية هزلية فى مكة، وبدلا من أن يهتفوا للأقصى من مكة كان يمكنهم الهتاف أمام سفارة إسرائيل وقنصليتها فى إسطنبول وأنقرة.
لكن أردوغان مثل حلفائه فى داعش والقاعدة يرفعون اسم القدس ويقتلون العرب، ولم يحدث أن تصادموا مع الاحتلال ولو بالعبارات والهتاف، وعندما ضربت إسرئيل السفينة التركية أمام شواطئ غزة لم يجرؤ التركى على الرد وابتلع الإهانة صاغرا.
واليوم يترك أردوغان وإخوانه ودواعشه القدس، ويهتفون فى مكة، وهو أمر ترضى عنه إسرائيل، وتفخر بأردوغان ودواعشه.