من مميزات زيارة وزيرة الهجرة نبيلة مكرم لقرى بسيون والغربية المنتجة، أنها كشفت عن وجود نماذج لشباب يستثمرون فى المستقبل، حيث نجحت قرى الفرستق ومحلة اللبن وكتامة وشبرا بلولة فى تحقيق المعادلات الصعبة بمواجهة البطالة والعمل فى مجالات خارج الصندوق، وهناك قرى ونماذج مختلفة فى محافظة الغربية وبسيون تصلح لتكون مشروعات صغيرة ومتوسطة ناجحة، وتستوعب بسيون ومراكز الغربية العديد من الأنشطة كالغزل والنسيج والمنتجات الزراعية، لكنها للأسف تعانى من مشكلات مزمنة فى النقل والطرق.
وسبق وأن كتبت مرات عديدة عن مشكلة النقل المزمنة فى بلدتى بسيون، وهى ليست وليدة اليوم، ومهزلة تحتاج لتدخل من الحكومة وتحرك من المحافظة والحكومة ووزارة النقل، لإنقاذ آلاف المواطنين من الطلاب والطالبات والموظفين الذين يعيشون مأساة يومية فى الانتقال من وإلى طنطا، حيث تمثل المواصلات ونقل الركاب دائما مشكلة منذ أن كنا طلابا فى الثمانينيات، وبسيون من المراكز القليلة التى لا يمر عليها قطار، منذ رفع قطار «الدلتا» قبل منتصف الستينيات من دون بديل.
فى السبعينيات كانت هناك أتوبيسات نقل عام وسط الدلتا، والبيجو والميكروباص، ولم تكن كافية، ومع الوقت تضاعف السكان، اختفت أتوبيسات النقل العام، وأعداد الميكروباص غير كافية، ولا توجد أتوبيسات عامة ولا خاصة، للنقل الجماعى، وتعثرت مشروعات مختلفة فى هذا السياق.
والنتيجة معاناة يومية فى الانتقال من وإلى طنطا التى لا تبعد أكثر من 25 كيلومترا، لدرجة أن بعض الطلاب يضطرون للسكن بطنطا هربا من مأساة النقل اليومية، يتأخرون عن امتحاناتهم، والموظفون عن أعمالهم، وتبدو بسيون معزولة عن العالم، وسط فشل كل الحلول الجزئية، ويظل مركز بسيون ومعه 18 قرية محروما من مشروعات النقل.
فى التسعينيات قاد الكاتب الكبير الراحل جمال بدوى وهو من أبناء بسيون حملة لإقامة خط سكة حديد إلى بسيون، يمكن أن يمثل إنقاذا للمركز من عزلته، وبذل جهدًا فى توصيل فكرته لوزير النقل وقتها، وحصل على موافقة مبدئية، لكن الأمر توقف وتاه فى دهاليز الحكومة، ويعد هذا هو الحل الوحيد لإخراج بسيون من عزلتها، فى وقت تطورت فيها فكرة القطارات الكهربائية وغيرها، ثم إن المشروع يخدم ما يقرب من مليونى مواطن على الطريق.
وهو ما تجدد الحديث عنه مع زيارة وزيرة الهجرة، وفى ظل توجه الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسى، فإن التركيز على المحافظات بجانب القاهرة سياسة دولة، وإذا كان حل القطار بعيد المدى ربما يكون على الحكومة أن تفكر فى توفير عدد من الأتوبيسات، وقد نجحت وزارة النقل فى حل مشكلة النقل العام بالقاهرة، وتنوعت وسائل النقل كما وكيفا، بما يعنى إمكانية أن تتحرك وزارة النقل، لمواجهة أزمة النقل المزمنة فى بسيون.
هناك مشكلات كثيرة تتعلق بما تواجهه بسيون ومدن الغربية، لكن يظل النقل والطرق، هما أهم ما يحتاجه المجتمع بشكل عاجل ويتماشى مع استراتيجية الرئيس عبد الفتاح السيسى، لتوزيع الخدمات والاستثمارات بين القاهرة والمحافظات، ورأينا كيف اتجهت الدولة لإقامة مشروعات كبرى فى الصعيد والوجه البحرى، والدخول فى ملفات لم يقترب منها أحد طوال عقود، وأعتقد أن زيارة وزيرة الهجرة والعاملين بالخارج الدكتورة نبيلة مكرم لبسيون تمثل خطوة إيجابية تنتظر خطوات أخرى من الحكومة لتنفيذ سياسات الرئيس فيما يتعلق بعدالة توزيع الثمار والخدمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة