تُعد كنيسة "القديس فرانسوا دي سال" الكاثوليكية بمحافظة الإسماعيلية واحدة من أقدم الكنائس وأعرقها في المنطقة بأسرها؛ إذ يعود تاريخ افتتاحها ليوم 8 سبتمبر عام 1864، إذ أُنشئت على أرض تم التنازل عنها بالمجان لصالح رهبان الأرض المقدسة، فيما شهد الافتتاح المهندس الفرنسي الشهير فرديناند دي لسبس
الأثر المنسي
"أنشئت خصيصًا للأطباء والممرضات".. هكذا يعرف الجميع الكنيس، والتي تُصنف ضمن أشهر 10 كنائس على مستوى العالم، لكن ما جرى لها ولأثرها وضعها بصورة أو بأخرى في طي النسيان؛ فالكنيسة التي تطل على تطل على قناة السويس واحدة من أهم الآثار التاريخية الدينية بمدن القناة، حيث يرتبط تاريخ نشأتها بنشأة قناة السويس، وأنشئت لأجل آداء فروض الطاعة والطقوس الدينية الخاصة بالأطباء والممرضات آنذاك، لكن تسعة أشهر فقط فصلت بين الافتتاح وكارثة أطاحت بالمئات من أبناء الكنيسة بعد الفيضان الذي حدث يوم 25 يونيو من عام 1865، والذي ضرب محافظة الإسماعيلية وراح ضحيته 400 قتيل من داخل الكنيسة، بينهم 15 فرنسي وإيطالى و10 نمساويين.
زفاف تاريخي
كانت الكنيسة على موعد مع أولى الأحداث التاريخية نهاية عام 1869؛ وذلك بعقد قران المهندس الفرنسي فرديناند دي لسبس على الهولندية آلين دوتار، في حفل وثقه التاريخ ليدون الذكرى الأبرز في تاريخ الكنيسة التي كان يخدم بها الرهبان الفرينسيسكان، والذين كانوا يعيشون آنذاك في دير صغير ويديرون مدرسة للبنين، والتي كان التدريس فيها باللغتين الفرنسية والإيطالية.
طراز روماني
وتضم الكنيسة ذات الطراز "القوطي" لوحة تصوير للقديس "فرانسوا دي سال" مُهداة من الإمبراطور نابليون الثالث، والتي لا تزال محفوظة في صحن الكنيسة الحالية، فيما تُعد الكنيسة صرح روماني مبني بالطوب ومغطى بالقرميد الروماني.
الآثار التاريخية بالكنيسة لم تقتصر على البناء وطرازه واللوحة المُهداة بها، لكنها ضمت كذلك تمثالًا فريدًا من نوعه في العالم أجمع؛ ذلك الذي يوجد أعلى الكنيسة ويُمثل السيدة العذراء وهي تُقدم طفلها كرسالة سلام للعالم ولكل المارين بقناة السويس.
صيانة التاريخ
انتهت هيئة قناة السويس من أعمال الصيانة والترميم الخاصة بالكنيسة، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بذكرى مرور 150 عامًا على افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية، العام الماضى، لتدخل بثوبها الجديد فى مرحلة تُضيف لها وتجعل منها محط لأنظار العالم.
فرانسوا والتاريخ
يُعد الكونت "سان فرنسوا دي سالا" والذي أُنشئت باسمه الكنيسة، واحدًا من أبرز الرجال في تاريخ محافظة الإسماعيلية؛ فهو مفتش عام بشركة قناة السويس، ترأس الاحتفال بوضع حجر الأساس لمدينة الإسماعيلية يوم 27 أبريل من عام 1862، ووقف بجانبه آنذاك "فوزان" مدير عام الأشغال وقتها.
وعندما توفي "دي سالا" نهاية عام 1862 سمي الكوبري المتجه إلى شارع جيشار على اسمه "كوبري سالا"، فيما يوجد كذلك ميدان باسمه عند نهاية شارع "الإمبراطورة أوجيني" الموجود به عربة "ديليسبس"، بالإضافة إلى شارع "سالا" الموازي لفيلا ديليسبس تجاه ميدان "شامبليون".
ووُضعَّ على ضريح الكونت "سالا" تمثال نصفي له من البرونز، وذلك بالقُرب من الشارع المنحرف المؤدي إلى ميدان شامبليون، بجوار حائط على حديقة شاليه ديليسبس، حيث يُعتبر "سالا" أحد المخلصين الذين ماتوا قبل أن يحقق النجاح الباهر بانتهاء حفر قناة السويس، وهو ما خلدته كلمات "روبيسينار" أحد نواب رئيس شركة القناة وقنصل عام هولندا في مصر عندما وقف أمام الضريح آنذاك وقال: "إن الخدمات التي أداها هذا الرجل تؤكد أن الجميع افتقد خلقه ومهاراته وتفانيه في العمل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة