مشهد رائع بدأت به مباراة السوبر المحلى بين الأهلى والزمالك، مساء أمس على ملعب محمد بن زايد بدولة الإمارات الشقيقة، تمثل فى التنظيم الجيد والدخول المنظم للجماهير التى جلست فى مدرجات موحدة بلا فواصل فضلاً عن التشجيع المثالى، ثم بدأ هذا المشهد يتغير لحظة نزول محمود كهربا لاعب الزمالك السابق والأهلى الحالى، والذى استقبلته الجماهير البيضاء بهتافات مسيئة، قبل أن يدخل لاعب الأحمر فى احتكاكات مع لاعبى الأبيض تطورت إلى اشتباكات توقفت على إثرها المباراة لدقائق وتسبب فى توتر الأجواء بين الفريقين.
أما نقطة التحول فكانت عقب إطلاق حكم المباراة صافرة النهاية معلناً فوز الزمالك عقب تسجيل عبد الله جمعة ركلة الجزاء الأخيرة في مرمى الشناوى، وسرعان ما تحول ذلك المشهد إلى النقيض بأحداث مؤسفة، تمثلت فى اشتباكات عنيفة بين لاعبى الفريقين، واحتفال بعضهم بطريقة غير لائقة أمام جماهير المنافس وما ترتب عليه من هتافات مسيئة وإلقاء زجاجات على اللاعبين واحتفال بعضهم بإشارات غير أخلاقية وهو ما كان نقطة سوداء فى السوبر.
فرحة عبد الله جمعة بفوز الزمالك "مشروعة" لأنه أحرز ضربة الجزاء الأخيرة وهدف الفوز لفريقه وتتويجه بالكأس الغالية، أما طريقة احتفاله فكان مبالغاً فيها، خصوصاً أنها جاءت أمام جمهور الخصم، وهى بالطبع غاضبة لخسارة فريقها وترى أنه الأحق بالفوز من وجهة نظرها، وبالتالى فإن هتافاتها متوقعة ضد اللاعب الذى بالغ فى فرحته وقاده حماسه للطريق الخطأ بدلاً من الذهاب إلى جمهور فريقه والاحتفال معهم بالفوز وإهدائهم البطولة.
أما شيكابالا فهو لاعب محترف ويعتبر قدوة ومثلاً أعلى للأجيال الصاعدة فى كرة القدم، بفضل موهبته الكروية التى لا ينكرها أحد ومشواره بالملاعب، سواء مع الزمالك أو المنتخب، إلا أن فرحته بفوز الزمالك بالسوبر خانته أيضاً، فلم يختلف الأمر عن احتفال عبد الله جمعة، وإن كان الأخير مازال صغيراً (24 عاما) ولم يصل إلى خبرة وذكاء شيكابالا الكروية، إلا أن "شيكا" خانه ذكاؤه هذه المرة أيضاً ـ كعادته فى الانسياق لاستفزازات الجماهير ـ فذهب "شيكا" إلى جماهير الأهلى الغاضبة لخسارة فريقها، وبالتالى صبت هتافاتها ضد اللاعب ـ وإن كنت أرفض أيضاً الهتافات ضد اللاعب الفائز ـ إلا أن نجم الزمالك سرعان ما وقع فى فخ الجماهير وتعامل معها بشكل لا يليق، وأصدر إشارات لا ينبغى أن تصدر من لاعب يجب أن يكون قدوة للأجيال، فوضع تاريخه الكروى ومهاراته الساحرة فى ميزان العدالة أمام الروح الرياضية، وهى بالطبع لابد أن ترجح كفتها أمام أى شىء.
فرحة لاعبى وجمهور الزمالك بالفوز بكأس السوبر مشروعة واحتفالاتهم منطقية، خاصة أنها تأتى بعد أيام من التتويج ببطولة أخرى هى الأغلى "السوبر الأفريقى" على حساب الترجى، ولكن ما يرفضه الجميع هى "الإساءة" أو الاحتفالات بإشارات بذيئة وغير أخلاقية، أو الخروج عن السياق سواء من الجمهور أو اللاعبين، لأن تقويم السلوك والارتقاء بالأخلاق هى أهم أهداف الرياضة وكرة القدم.
اتحاد الكرة من جهته قرر إحالة أحداث مباراة السوبر إلى لجنة الانضباط، بعد الاطلاع على تقرير منسق المباراة، ولكن ما يحتاجه اللاعبون والجماهير المصرية هو تغيير ثقافة الفوز وكيفية الاحتفال به، وتقبل الهزيمة أيضاً، وهو ما يهدف إليه الجميع بضرورة نبذ العنف والقضاء على التعصب فى الملاعب، وهو ما نشهده فى ملاعب أوروبا عندما تقف الجماهير وتصفق للاعبيها بعد انتهاء المباراة إن كان أداؤهم جيداً وتدعمهم فى باقى المباريات بعد الخسارة، وهو ما نسعى له فى الملاعب المصرية.. شجع فريقك ولكن بروح رياضية، وتقبل الهزيمة بروح رياضية أيضاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة