فى المقالين السابقين، تحدثنا عن انهيار الأخلاق، فى معظم القطاعات الحيوية، والتأكيد على أن استفحال فوضى الأخلاق، جاء عقب اندلاع الثورات، وأن المؤرخ وعالم الآثار الأمريكى جيمس هنرى برستد، أثبت بالوثائق والأدلة التاريخية، أن انهيار المنظومة الأخلاقية فى مصر، جاء عقب اندلاع الثورات، وعقدنا مقارنة بين ما حدث من انهيار وفوضى أخلاقية وأمنية عقب أول ثورة فى تاريخ مصر ضد الملك بيبى الثانى منذ ما يقرب من 4200 سنة، وبين ما حدث عقب ثورة 25 يناير 2011 ، وتبين أوجه التشابه إلى حد التطابق بين الأحداث، رغم مرور آلاف السنين.
ونذكر ما تضمنته بردية للكاهن «إيبور» عن أحداث ثورة مصر الأولى فى عهد الملك بيبى الثانى، منذ 4200 سنة تقريبا، التى تتشابه إلى حد التطابق مع أحداث ثورة 25 يناير، ويبدأ الكاهن والحكيم متن البردية بوصف البؤس العام الذى حل بالبلاد، عقب الثورة من سرقة ونهب وقتل وتخريب وقحط وتشريد الموظفين وتفكك الإدارة والقضاء على التجارة الخارجية وغزو الأجانب البلاد وتولية الغوغاء مراكز الطبقات العليا.
ويقول نصا: «أهالى الصحراء احتلوا مكان المصريين، وأصبحت البلاد مرتعا للعصابات حتى إن الرجل يذهب ليحرث أرضه ومعه درعه، وشحبت الوجوه، وكثر عدد المجرمين، ولم يعد هناك رجال محترمون، وفقد الناس الثقة بالأمن، والدم أُريق فى كل مكان، وكثر عدد الموتى حتى أصبحت جثثهم من الكثرة لا تدفن، ونبت الوباء فى كل الأرض، وأصبح أصحاب الأصل الرفيع مفعمين بالحزن، بينما امتلأ الصعاليك سرورا، وأصبح اللص صاحب ثروة».
هذه الأحداث عايشناها بالضبط طوال 9 سنوات الماضية، وكان للانفلات الأخلاقى السمة البارزة والطاغية، من خلال خطاب شتام وبذىء ووقح تبناه اتحاد ملاك الثورة، ونخب العار، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعى، وانتقل للمدارس والجامعات والشارع والملاعب، وصار مسيطرا وتأثيراته الثقافية كارثية، وتحديدا فى مجالى الغناء وقطاع الرياضة وفى القلب منها «كرة القدم».
ورأينا مدى الانفصام المرعب الذى أصاب البعض، وأتوا بتصرفات انتهكت شرف المنطق والعقل، فهاجموا بشراسة حفل عيد الحب الذى أقيم بإستاد القاهرة، وغنى فيها حسن شاكوش أغنيته الشهيرة «بنت الجيران» والتى تضمنت كلماتها «خمور وحشيش» .. ووجدنا خبراء الكرة، من محللين ومعلقين ونقاد ولاعبين حاليين وقدامى، ومدربين، يهاجمون بضراوة ترديد مثل هذه الكلمات فى محراب استاد القاهرة، وكيف يسمح للجماهير بالحضور بهذا العدد الكبير فى الاستاد والاستماع لمثل هذه الأغانى..!!
ولم تمر أيام، وأقيمت مباراة السوبر بين الأهلى والزمالك فى دولة الإمارات الشقيقة، وتأهب الجميع، للاستمتاع بالمباراة، واعتبارها سفيرا فوق العادة، لمصر، ولكن وللأسف، الجميع لم يكن على مستوى الحدث، وسقطوا فى مستنقع المراهقة الإدارية، وارتكاب كل الموبقات الأخلاقية، وأخرجوا أسوأ ما فى مخزونهم، لتشويه الصورة فى ملاعب دولة شقيقة، وأمام عشرات الكاميرات التى تنقل الحدث عربيا وأفريقيا وآسيويا..!!
والمأساة تستمر فصولها إلى ما بعد المباراة، عندما وجدنا نفس الأشخاص الذين هاجموا بضراوة كلمات أغنية بنت الجيران، وكيف يتم ترديد كلمات خمر وحشيش فى محراب استاد القاهرة المقدس، يؤيدون بقوة ما أتى به محمود عبدالرازق شيكابالا، من فعل فاضح، على الهواء مباشرة، ورغم ذلك تم إيقافه 8 مباريات فقط، بينما تم إيقاف الذى اشتبك، ولم يرتكب أفعالا فاضحة، لنهاية الموسم..!!
شىء مؤسف ومخزٍ، أن نتخذ من سياسة الكيل بعدة مكاييل، شعارا، ونهجا، ندين كلمات أغنية تتردد فى استاد القاهرة، ونؤيد وندعم فعلا فاضحا فى مباراة السوبر، ولك الله يا أخلاق..!!