حسام مغازى :الدولة تبذل جهودا كبيرة فى المفاوضات للحفاظ على حقوقها دون تسرع
وزارة الرى تنفق 6 مليار جنيه لمشروعات مواجهة التغييرات المناخية ولا تكلف المزارع جنيها واحدا
سهلنا للمزارعين بالنوبارية إعادة الزراعة بالرى الحديث ووضعنا فترة سداد تصل ل20 سنة
قال الدكتور حسام مغازى، أستاذ ورئيس قسم هندسة الرى والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، ووزير الموارد المائية والرى السابق، إن مصر تواجه تحديات مائية كبيرة ولكنها تواصل التغلب عليها مثلما تغلبت على تحديات أخرى كثيرة ومنها تحدى إقامة مشروعات عديدة، وأيضا تحديات مالية واقتصادية تم تجاوزها والتغلب عليها، بجانب التحديات المائية الموجودة لدى مصر، ولكن هناك وسائل للتغلب عليها، حتى يطمئن الجميع على مستقبل مصر المائى.
جاء ذلك خلال محاضرة الدكتور حسام مغازى بعنوان: "طموحات وتحديات الموارد المائية ووسائل التغلب عليها وإلى أين وصل مستقبلنا المائى" ضمن فعاليات المؤتمر الدولى الذى تنظمه جامعة أسوان، بعنوان "التنوع البيولوجي وعلاقته بالأمن القومى - بحيرة ناصر حالة للدراسة"، تحت رعاية الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى.
وأضاف وزير الرى السابق، أن نصيب الفرد من احتياج المياه بمصر كان يصل الى 2000 متر مكعب خلال عام 1960، وحاليا نصيب الفرد يصل ل570 متر مكعب، مشيرا إلى ان موارد مصر من المياه معروفة ولكن عدد السكان فى ازدياد ووصل ل100 مليون نسمة، لافتا إلى أن العجز المائى وصل فى عام 2018 ل21 مليار متر مكعب، مؤكدا أن هذا العجز سيرتفع إلى 30 مليار متر مكعب خلال عام 2030.
وأشار "مغازى" إلى أنه فى نفس الوقت الذى تعانى فيه الدولة عجز مائى ، فالوعى لدى الكثير من الناس لا زال مفقود ومن ذلك على سبيل المثال الاعتماد على الرى بالغمر، وأيضا الإسراف فى استخدام المياه كمشاهد غسيل السيارات فى الشوارع، بجانب تلويث المياه، معلقا: "لا زالنا نستخدم الرى بالغمر والتلوث ما زال موجودا لغياب الوعى لدى الكثير من الناس واستخدام زراعات الأرز وأيضا مشروعات التنمية فى أعالى النيل وهذا يمثل تحدى".
وأوضح وزير الرى السابق، أن تحديات المياه فى مصر تتمثل فى 10 تحديات وأولها الفجوة بين الطلب والإمداد، واحيتاج مياه بكميات ثابتة، لافتا إلى أن الجميع كان يتابع جهود المفاوضات التى بذلت للحفاظ على حقوق مصر من المياه، وإلا كان سيتم توقيع الاتفاقيات منذ فترة سابقة، ولكن المفاوض المصرى كان حريصا على حقوق هذا البلد، وربما ستأتى الأيام وستزيح الستار لبيان كيف كان المفاوض يتعرض لصعوبات كثيرة خلال التفاوض، مؤكدا أن القيادة السياسية تقف بجانب هذا الملف وتدعمه وتساعد على صمود المفاوض، حرصا على تاريخ ومستقبل هذا البلد.
ولفت إلى أن هناك ملامح للتغييرات المناخية، والعلماء يعلمون أن التغييرات المناخية تعد التحدى الأكبر بعد الزيادة السكانية، فى جميع المجالات سواء الزراعة أو الرى أو المجالات الأخرى، موضحا أن الدولة أنفقت مشروعات رى كبيرة منها فى مناطق أسيوط والتى تكلفت 6 مليار جنيه، دون أن تحمل الدولة على المزارع جنيها واحدا ولكن تنفق دون أن تأخذ مقابل وهذا تحدى أيضا "على حد قوله".
وأشار إلى تأثير هذه التغييرات على المياه، لأن الزراعة تتأثر بتغييرات المناخية ونهر النيل موارده ليست بأيدينا ولكن فى المنابع، ففى عام 2019 تعرضت القاهرة لسقوط أمطار كثيفة فى شكل نوه غير متوقعة، وكل هذه تحديات للدولة، وأولى هذه التحديات فى التغييرات المناخية هو نهر النيل ، مؤكدا أن الدراسات أشارت إلى أن نهر النيل سيزيد مع المستقبل ولكن هناك دراستين تقول عكس ذلك، وعلق قائلا: "ندعو الله أن يكون فى صالحنا".
وأكد "مغازى" أن هذه الأمطار المفاجئة ساعدت خلال عام 2019 على زيادة منسوب مياه بحيرة ناصر، وهذه الزيادة تتراوح بمقدار 25 %، وامتلأت بحيرة ناصر بالكامل، معلقا: "بفضل ربنا"، وتم صرف المياه الزائدة لمفيض توشكى وما زالت بشائر الخير خلال العام الماضى مستمرة، وقال: "أدعو الله أن يستمر إيراد نهر النيل فى زيادة مستمرة".
وحول ارتفاع منسوب البحر المتوسط، قال "مغازى" إن هناك دراسة توضح أنه مع مرور السنوات تزيد معدلات الكوارث الطبيعية وتؤدى إلى الجفاف أو التصحر أو الفيضانات فى خط أفريقيا، موضحا أن مستوى البحر المتوسط يرتفع بمقدار 1.8 مليمتر بما يعادل 18 سنتيمتر فى ال100 سنة وتأثير ذلك قد يؤدى إلى تملح للأراضى التى بجوار الساحل، وساحل الدلتا يتعرض لظاهرة هبوط الدلتا بسبب هذا الارتفاع فى مستوى البحر ، ومقدار هبوط الأرض من 1 إلى 5 ميلليمتر فى السنة، والدلتا بتنخفض والبحر بيرتفع، وفى الإسكندرية الهبوط بها 0.4 مليمتر فى السنة والبحر يرتفع 1.2 ملليمتر فى السنة، وفى بورسعيد تزيد هذه النسبة والهبوط يزيد تصل لنحو 5.5 ملليمتر فى السنة.
وأرجع "مغازى" أسباب هبوط الدلتا إلى أن السد العالى منع طمى النيل الذى كان يعوض هذا الهبوط والذى يستمر دون تعويض، وايضا بسبب السحب المفرط للغاز الطبيعى فى كل دول شرق المتوسط والذى يؤدى إلى وجود فراغات بين حبيبات التربة فيحدث الهبوط، بجانب سبب وجود تيارات شاطئية تتسبب فى نحر الشواطئ، وهذه الاسباب تؤدى الى هبوط الدلتا مع ارتفاع البحر وهو تحدى للمناطق الساحلية وخاصة بورسعيد التى تعد الاقرب لفرع دمياط والأقرب لحقول الغاز، مشيرا إلى أن هيئة حماية الشواطئ تنفذ مشروعات بالمليارات خلال خطة 2030/2040 .
واستكمل وزير الرى السابق حديثه قائلا: "مصر جميع مواردها المائية تصل لنحو 60 مليار والزراعة وحدها تستهلك 60 مليار بخلاف الصناعات ومياه الشرب والعجز المائى يصل لحوالى 21 مليار فى عام 2018، وتقوم الدولة بتدبير وسد هذه الفجوة من خلال مصدرين الاعتماد على المياه الجوفية بالاضافة الى مياه الصرف الزراعى الزلئدة بخلطها بمساه الرى بحوالى 15 مليار متر مكعب"، لافتا إلى أن هذه المشروعات التى تقوم بها الدولة تساعد على سد العجز فى المستقبل ومنعا الووسع فى استخدام الصرف الزراعى لأنه يوفر نحو مليار متر مكعب مستقبلا والتوسع فى الرى بالابار و تحويل الرى بالغمر الى رى حديث وتطوير شبكات الرى القديمة الموجودة من أيام محمد على وتقوم الدولة بتأهيل هذه الشبكات وارجاعها للشكل الهندسى القديم ويساعد على توفير قسمة من المياه، لافتا إلى أن هناك مشروعات لاستغلال حصاد الامطار والسيول وعمل بحيرات فى مناطق مثل جنوب سيناء والتى كانت تنزل إلى خليجى العقبة والسويس، ووزارة الرى استطاعت استغلال هذه الأمطار والسيول فى عمل مشروعات استغلال لهذه المياه.
وتابع أن من ضمن المشروعات استغلال ترعة الإسماعيلية والتوبارية التى تم انشاؤهم منذ فترة الدولة العثمانية وتم حفرهما فى مناطق رملية والمياه تضيع جزء مبير منها بسبب التربة الرملية فى حين لو تم تبطين هذه الترع لاستغلال الهادر من المياه.
وقال: من ضمن مشروعات الرى مشروع المليون ونصف فدان للتغلب على العجز المائى ورغم تكلفته العالية إلا أنه ليس هناك بدائل، وهو يعد أحد أكبر مشروعين تنفذهما الوزارة فى مصر والاخر هو استغلال مياه الصرف الزراعى لمعالجتها ثلاثيا واعادة استخدامها مرة أخرى بعد أن تصل لمرحلة التنقية على أعلى مستوى، الذى يتمثل فى مشروع مصرف بحر البقر والذى يضم 5 محافظات ويلقى فيه الصرف الصحى للقاهرة الكبرى الى بحيرة المنزلة، وهناك 5 مليون متر مكعب يوميا تلقى البحيرة، ويعد ملوثا منذ 40 عاما والمفاجأة أن هذا التلوث سيتحول إلى مشروع تحويل المياه من نقمة للبحيرة الى مياه معالجة نظيفة تمنع التلوث وهو مشروع بدأ قبل 4 سنوات، بهدف ايضا سد العجز وهو مشروع لا يقل أهمية عن المشروعات القومية ويمول من صندوق التنمية الكويتى بقرض قيمته 18 مليون جنيه، ومثله أيضا مصرف محسنة فى الاسماعيلية الذى يرمى فى بحيرة التمساح بحوالى مليون متر مكعب فى اليوم دون الاستفادة منها ، وهو المشروع الثانى الذى سنستفيد منه ويمكن زراعة سيناء منه وتكلفته نحو 2 مليار جنيه وسيجرى لها معالجة ثلاثية بمليون متر مكعب فى اليوم.
وأضاف: نحاول إعادة هذه المشروعات باستخدام رى حديث وبتمويل يصل سداده لنحو 20 سنة بمقدار 500 جنيه على الفدان فى السنة وهو ما تم الموافقة عليه، والمنطقة المستهدفة 50 ألف فدان بالنوبارية وبدأت فيها وزارة الرى بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة