موجة من الانتقادات يواجهها أمير الإرهاب بسبب انتهاكاته المستمرة بحق العمالة الأجنبية التي باتت تعمل في ظل مناخ أقرب لـ"السخرة"، ما دفع عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية لإصدار بيانات إدانة لتميم، من بينها "هيومن رايتس ووتش"، التي أكدت أن السلطات القطرية فشلت في معالجة أزمة تأخر صرف أجور الموظفين على الرغم من نظام 2015 الذي تم إنشاؤه لضمان دفع أصحاب العمل لموظفيهم في الوقت المحدد.
وكشف تقرير مشترك صدر مؤخرًا عن منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية، عن سلسلة من المشاكل في نظام حماية الأجور بقطر تعيق فعاليته، وتثقل كاهله في حالات عديدة.
وأفاد التقرير بأنه في نوفمبر 2018، كان موظفو نظام حماية الأجور يتعاملون مع قضايا تعود إلى يناير 2018. قيل أيضًا إن التهديد بفرض عقوبات على الانتهاكات لم يكن فوريًا، وتشمل العقوبات السجن لمدة أقصاها شهر واحد، ودفع غرامة بين 2000 إلى 6 آلاف ريال قطري (حوالي 550 إلى 1.648 دولار) أو كليهما.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن قطر سنت بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها.
العمال الوافدون محظور عليهم بموجب القانون القطري الانضمام إلى النقابات والمشاركة في الإضرابات، وقال عامل هندي يعمل في مشروع بناء الطرق مقابل الحد الأدنى للأجور (206 دولارات أمريكية في الشهر): "كنا خائفين من التوقف عن العمل والاحتجاج، لكن عائلاتنا في الوطن كانت تتضور جوعًا، لذا أغلقنا الطريق الرئيسي قرب سكننا".
وقال العمال الثلاثة الذين قوبلوا إنهم تلقوا أجورهم المتأخرة في 7 فبراير، في نفس اليوم الذي احتجوا فيه، وعادوا إلى العمل.
وقال موظفو الإدارة لـ هيومن رايتس ووتش إن الموظفين الإداريين احتجوا خارج أحد مكاتب مشاريع صاحب العمل الكثيرة في الدوحة في 9 فبراير، وذكروا أن مسئولي الحكومة والشرطة تدخلوا، ووعدوا شفهيًا بسداد الأجور الفورية، وأعادوا المتظاهرين إلى منازلهم.
وأُرسِلت أجور سبتمبر إلى حساباتهم المصرفية في ذلك اليوم. وقال الموظفون إن أجور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر ويناير بدأت بالوصول إلى مئات الحسابات في 13 فبراير. وتلقى ثلاثة من الموظفين السبعة الذين قوبلوا أجورهم كاملة، وقال آخرون إنهم يتوقعون استلام أجورهم في 16 فبراير.
وبموجب "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري" (رقم 29)، يعتبر العمل قسريًا أو جبريًا، عندما يجبر العمال على العمل تحت تهديد العقوبة أو حجب الأجور وعدم دفعها.
وقال الموظفون إنهم قبل احتجاجاتهم على الطرق الرئيسية، تقدموا بشكاوى بشأن رواتبهم الناقصة لدى الشرطة المحلية في 30 يناير، وإلى "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في 4 فبراير. قالوا إنهم لم يتلقوا أي ردود مكتوبة على هذه الشكاوى.
وتبنت "اللجنة العليا للمشاريع والإرث" شبه الحكومية التي تنظم كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، تدابير لحماية العمال في ورش بناء كأس العالم، ووضع قواعد صارمة للمتعاقدين. تتطلب القواعد إنشاء لجان رعاية للعمال للإبلاغ عن الانتهاكات في هذه المواقع.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنها بينما وثقت المشكلات التي يواجهها صاحب عمل واحد، فإن النتائج تكشف عن فشل نظامي له تأثير على جميع أرباب العمل العاملين في قطر.
وأضاف موظفو الإدارة أنهم استمروا في العمل بدون أجر تحت تهديد الخصم، حتى قرر العديد من الموظفين التوقف عن العمل حتى يتلقوا أجورهم. كما وجّه صاحب العمل وإدارته العليا تهديدات مماثلة لإبقاء العمال يعملون طوال ديسمبر ويناير.
وخلال هذا الوقت، بقي العمال في أماكن سكنهم التي يوفرها صاحب العمل، وحصلوا على وجبات منتظمة.
ويشغل صاحب العمل هذا أكثر من 6 آلاف عامل ولديه أكثر من 25 مشروعًا حاليًا في قطر. وتشمل المشاريع ملعبًا في الدوحة سيستضيف مباريات كأس العالم 2022، والشوارع المحيطة بالملعب، ومشروع بناء طريق يربط مناطق وسط الدوحة بعدة ملاعب ستستضيف كأس العالم.
وليست هذه المرة الأولى التي يؤجل فيها صاحب العمل دفع أجور لموظفيه، فقال الموظفون الإداريون إنهم لم يتلقوا أجورهم في الوقت المحدد منذ يناير 2018، وغالبًا مع تأخير شهرين إلى ثلاثة أشهر، وهو انتهاك مباشر لقانون العمل في قطر، الذي يتطلب دفع رواتب الموظفين بالكامل وفي الوقت المحدد.
في يناير 2020، أبلغت جهة العمل موظفيها الإداريين أنهم إذا لم يرغبوا في العمل دون أجر، فيمكنها إصدار شهادات عدم ممانعة تسمح لهم بالانتقال إلى وظائف جديدة، ومع ذلك، قال الموظفون الذين قوبلوا إنهم لا يريدون الاستقالة حتى يتلقوا أجورهم بالكامل عن العمل السابق لأن الموظفين الذين غادروا قبل عام ما زالوا ينتظرون رواتب ومكافآت مستحقة، وينص قانون العمل القطري على أن يتلقى العمال الوافدون مكافأة سنوية يجب أن تصل إلى ثلاثة أسابيع على الأقل من الأجر الشهري.
وقال موظف سابق من باكستان لـ هيومن رايتس ووتش إنه استقال قبل عام، ولا تزال لديه مستحقات 20 ألف ريال قطري (حوالي 5,493 دولار). ينتهك هذا التأخير القانون القطري الذي ينص على أنه في حالة إنهاء عمل العامل، فعلى صاحب العمل دفع أجوره وأي مبالغ مستحقة أخرى في غضون سبعة أيام من آخر يوم عمل.
وأوضحت ووتش: حتى لو كانت إدارة النظام أكثر كفاءة، فإن لديها سلطة محدودة لإجبار الشركات وأصحاب العمل على الامتثال للقانون. ورغم أن النظام يمكنه الإبلاغ عن عدم الدفع، فإن الأمر متروك لإدارة حماية الأجور لتطبيق القانون على المدفوعات الكاملة وفي الوقت المناسب.
وقال بيج: "هذه الحالة لمئات الأجور المتأخرة تؤكد مجددًا أن نظام حماية الأجور وإدارة حماية الأجور ليسا كافيين لضمان حصول العمال الوافدين في قطر على رواتبهم في الوقت المناسب وبالكامل".
ومن جهة أخرى أكد موقع قطريليكس، الاتهامات الدولية ضد أمير قطر تميم بن حمد باتباعه نظام السُّخرة والعبودية مع العمالة الوافدة واستمرار معاناة العمال حتى وصل الأمر لوفاة الآلاف منهم، لافتا إلى أن دولة نيبال تسعى لتطبيق آليات للحد من وفيات عمالها فى قطر، بتدريب العمال فى مجال السلامة قبل سفرهم إلى الدوحة، بعد اكتشاف وفاة 1000 عامل فى الدوحة.
وقال الموقع التابع للمعارضة القطرية، إنه دون أن يُفصح نظام تميم عن سبب الوفاة الحقيقى للعمال النيباليين، ولكن وزارة العمل النيبالية قد نسبت الوفاة إلى مخاطر أماكن العمل في قطر وعدد ساعات العمل الطويلة تحت درجات الحرارة المرتفعة بالإضافة إلى المساكن غير الآدمية التي يقيمون بها، وما زالت حكومة "نيبال" تطالب نظام تميم بالكشف عن أسباب وفاة عمالها، مُوجهة اتهامات لتميم بانتهاك حقوق العمالة الوافدة.