منذ عهد ليس منا ببعيد كانت تسيطر على مصر حالة من السخط الشعبي الساحق نتيجة التدهور في العديد من مناحي الحياة المختلفة. وعندما كانت تخرج الدعوات المتباينة والتي تدعو جموع الشعب للتحمل والنظر لنصف كوب الماء الممتلئ وأن يتفألوا بالمستقبل المبهر، كانت تخرج الإفيهات والنكات التي تتندر على مثل هذه الدعوات. وكان الرد الشعبي الساحق: لماذا نتحمل ولا توجد أي بادرة أمل نحو حياة كريمة ؟، من يتحدثون عن التحمل أناس يحيون في عالم موازي غير عالمنا المليء بالفساد والعشوائية، عن أي بلد يتحدث هؤلاء ؟ هل يحيا هؤلاء في مصر أخرى غير مصر التي نعيش فيها ؟.
أما الأن فالأوضاع أصبحت غير ذي سابق. فعندما طلب من أبناء مصر التحمل والمثابرة من أجل بناء مستقبل أفضل وجدنا حالة كبيرة من تحمل المسئولية والتفهم. وأن العديد من قطاعات المجتمع ألت على نفسها مساندة الدولة ودعم خطواتها نحو تنفيذ خططها وتحقيق أهدافها نحو مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا ولكل الأجيال القادمة.
لقد أندفعت مصر بأبنائها ومؤسساتها بعد ثورة 30 يونيو لبناء مصر الحاضر والمسقبل، وانطلقت الأيد الأمينة لتسطر ملاحم البطولة والفداء للحفاظ على استقرار الدولة والنهوض بها اقتصادياً وسياسياً وفى مختلف القطاعات الأخرى. ومن ذلك ما أعلنت عنه الدولة المصرية في كثير من المحافل نحو توجهها لتحقيق إصلاح سياسي حقيقي وسعيها بالمشاركة مع القوى الوطنية المختلفة نحو إثراء الحياة السياسية بالشكل الصحيح حتى تكتمل "صورة الشعب الفرحان تحت الراية المنصورة".
إن مصر لم تشهد منذ ما بعد ثورة 23 يوليو مثل ذالك الحراك الحاصل وتلك الرغبة القوية والصادقة من أي قيادة سياسية لتحقيق الاصلاح السياسي الحقيقي، وكذلك اتخاذها خطوات متسارعة نحو إثراء الحياة السياسية المصرية وحفظ استقرار البلاد من خلال توسيع المشاركة السياسية، ووضع خريطة طريق بأولويات الاستحقاقات الانتخابية، ومساندة القوى السياسية المتنوعة في إيجاد مساحات مناسبة للتحاور فيما بينها حول القضايا المختلفة التي تهم الوطن وتقديم حلول ناتجة عن حوار حقيقي دون تمييز. وكذلك دعم التعددية الحزبية وإجراء إصلاحات سياسية شملت التعديلات الدستورية التي ساهمت نحو تمكين أكبر لفئات المجتمع المختلفة كالمرأة والشباب والمسيحيين وذوي القدرات الخاصة والمصريين في الخارج.
لقد ساندت الدولة المصرية دمج الشباب في الحياة السياسية من خلال دعم تدشين تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لتنمية الحياة السياسية ولتكون منصة حوارية بين الشباب من مختلف التيارات السياسية ولجعل أصوات الشباب مسموعة ومشاركة فى صنع القرار. ولا أبلغ من ذلك البيان التأسيسي الأول التي أعلنت فيه التنسيقية أن هدفها تقوية الأحزاب، وإيجاد قنوات ومساحات اتصال وتقارب مع الدولة، من خلال المشاركة بأوراق عمل ومقترحات ومشروعات قوانين، أو الحوار المباشر مع المسئولين. وكذلك تأسيس الأكاديمية الوطنية للتدريب كأحد توصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ الذي انعقد في نوفمبر 2016، والتي تهدف لتحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم. والبرنامج الرئاسي لتأهيل وتدريب الشباب على القيادة والذي يهدف إلى إنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كي تكون مؤهلة للعمل السياسي والاداري والمجتمعي بالدولة المصرية وذلك من خلال إطلاعها على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والعملي، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تواجه الدولة المصرية.
لقد أشرق فجر جديد استطاعت مصر من خلاله أن تخطو بقوة نحو تحقيق إصلاح سياسي حقيقي وأن تسعى نحو إثراء الحياة السياسية المصرية بالشكل الذي يساهم في الارتقاء بحياتنا والأجيال القادمة. ورغم أن الطريق لايزال طويل وشاق، إلا أن ما يتم حاليا يبعث على التفاؤل والثقة في أن القادم سيكون أفضل بإذن الله.
عمرو درويش
تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة