باستثناء عدد محدود من إعلام ولجان رجب أردوغان، فإن رؤية المحللين سواء خارج او داخل تركيا ترى أن الرئيس التركى فى مأزق كبير، بعد استمرار تساقط جنوده فى سوريا وليبيا. ووصل الأمر ببعض لجان أردوغان من غير الأتراك بنشر مقاطع من لعبة فيديوجيم على أنها ضربات تركية.
لم يعد لدى أردوغان أوراق كثيرة يمكنه اللعب بها مثلما كان طوال تسع سنوات، سواء بإقناع أوروبا أنه يدافع عن أمن تركيا أو بمحاولة إيهامهم بخطورة ترك اللاجئين ليتدفقوا على أوروبا بشكل مكثف.
ويتصور أردوغان أنه يمكن أن ينجح مثلما حدث قبل تسع سنوات عندما نجح فى الحصول على المال والسلاح بدعوى حماية السوريين، بينما كان الهدف هو بناء تنظيمات إرهابية تسهل له الاستيلاء على النفط السورى، وهو ما ثبت بالصوت والصورة، وأدى إلى تراجع الحماس الأوروبى لاستمرار دعم ميليشيات أردوغان.
لقد اعتاد أردوغان على استعمال خطاب متعدد الأوجه، أوهم أوروبا أنه يحميها من الإرهاب، وكان يتحالف مع داعش والقاعدة وتوابعهما من التنظيمات الإرهابية. وعندما تعرضت داعش لهزائم عسكرية مد أردوغان أيدى الإنقاذ لفلول التنظيم وساعد القيادات الثرية فى الهروب إلى تركيا ومنح عددا منهم هويات جديدة وملاذات آمنة.
وتصور أنه أقنع روسيا بالتغاضى عن إسقاط طائرتها فوق سوريا ليحصل على منطقة منزوعة السلاح، وهو ضد المصالح الروسية، ويبدو أن موسكو كانت تلاعبه بنفس الطريقة، لعلمهم أنه يمارس الكذب دائما. ولم يستبعد محللون أن يكون الروس أبلغوا تفاصيل معلومات عن علاقة أردوغان مع داعش والنصرة إلى الأمريكان وأوروبا، وهى علاقة يبدو أنها تمت من خلفهم، خاصة بعد بدء عمليات موسكو ضد داعش، فى أعقاب فشل التحالف الغربى فى مواجهته.
وبينما كان أردوغان يخطب كثيرا ويتحدث عن القضية الفلسطينية أقام أوسع علاقات اقتصادية وعسكرية مع تل أبيب، لدرجة تزامن الضربات الإسرائيلية لسوريا مع تعرض قوات أردوغان للقصف، وتدخلت إسرائيل لفك الحصار عن قوات أردوغان. إسرائيل قدمت العزاء لأردوغان ووصفت جنوده القتلى بالشهداء، كاشفا عن عمق العلاقات التركية الإسرائيلية وسقوط ادعاءات أردوغان حول دعم الفلسطينيين.
أردوغان بعد هزائمه فى إدلب يطالب حلف الناتو بالتدخل وإنقاذ قواته، لكن الرد الأوروبى بدا وضحا أنه من الصعب تبرير تقديم عون عسكرى لقوات تغزو وتحتل أراضى سورية، وقال الناطق الروسى: لم نكن نعلم أن القوات التركية تعمل وسط التنظيمات الإرهابية، بالطبع فإن الروس كانوا يعرفون وجود القوات التركية وسط التنظيمات الإرهابية وأرادوا بالرد أن يؤكدوا كذب ادعاءات أردوغان بأنه يدافع عن أمن تركيا، بينما يتحالف مع إرهاب يهدد الجميع.
أردوغان روج طوال سنوات أن هناك معارضة سورية، كانت مجرد اسم، مثل الجيش الحر الذى اختفى وظهر داعش، وأن الجيش الحر أو الجيش الوطنى مجرد ستار تختفى خلفه التنظيمات الإرهابية وتدفقات السلاح، دول حلف الناتو أصبحت تعرف أن أردوغان يعمل لحسابه، مع رغبة فى عدم الصدام مع روسيا، وهو ما يعنى استمرار انكشاف قوات تركيا وتكرار ما تتعرض له من هزائم متكررة.
وفى ظل اكتفاء أوروبا والولايات المتحدة بالتصريحات المؤيدة، بدأ أردوغان استخدام ورقة اللاجئين من جديد، وبدأ يسرب تهديدات بأنه سوف يطلق 3 ملايين لاجئ إلى أوروبا، وان هناك 18 ألف سورى على متن قوارب تتجه لليونان. وهى وسيلة تكشف مدى انحطاط السياسة التى يتبعها أردوغان الذى تاجر بالسوريين طوال 9 سنوات. ومازال يوظف نفس الورقة.
ولا يتوقع أن تنجح تهديدات أردوغان بورقة اللاجئين، وأقصى ما يمكنه الحصول عليه اتفاق بخروج قواته من مستنقع سوريا وليبيا، لكنه خيار صعب بالنسبة لأردوغان لأنه يعنى اعترافا بهزيمة قد تكلفه كثيرا فى مواجهة الشعب التركى الذى يدفع ثمن مغامرات كلفته الكثير.