صدر كتاب باللغة العبرية بعنوان "الجواسيس فشلة: تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية"، للمؤلف الإسرائيلى يوسى ميلمان، ويلقى الكتاب الضوء على المؤامرات الخطرة التى خططتها ونفذها عملاء يهود من أجل إلحاق الضرر بمصر وبالزعيم جمال عبد الناصر فى السنوات التى سبقت القبض على مجموعة من اليهود المصريين الذين يعملون لحساب المخابرات الإسرائيلية.
فى عام 1954، قبضت الحكومة المصرية على شبكة من اليهود المصريين الشباب الذين تم تدريبهم من قبل المخابرات الإسرائيلية من أجل ارتكاب أعمال التخريب والتجسس ضد مصر، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع haaretz واستعرض الكتاب، تاريخ العملية الفاشلة التى هزت المؤسسات الأمنية والسياسية الإسرائيلية لأكثر من عقد وأدت إلى استقالة وزير الدفاع ديفيد بن جوريون.
وتشير المعلومات التى تم الكشف عنها فى الكتاب الجديد، أساليب الاستخبارات الإسرائيلية المنهجية المستخدمة ضد مصر خلال السنوات التي سبقت العملية الفاشلة، والتى تؤدى لسقوط مصر فى الآتى: "تسميم الآبار، وتزوير العملة والطوابع، والحرب النفسية، والأغتيال السياسى، وترويج المخدرات".
ويلقى الكتاب الضوء، على أن وكالات الاستخبارات الاسرائيلية فى عام 1948 كانت ذات حجم موارد محدود، وتأثر الموظفين الذين كان يعملون بها بعمليات التجسس الأمريكية والبريطانية خلال الحرب العالمية الثانية.
بدأت الاستخبارات الإسرائيلية، فى ضرب الاقتصاد المصرى، من خلال إنشاء أوراق نقدية مصرية مزيفة، جاءت الفكر عندما حدث ذلك من قبل إلمانيا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، كانت هذه الخطة مقامة لإغراق مصر وتوليد التضخم والتسبب في انهيار الاقتصاد وتشويه الرئيس جمال عبد الناصر وتصويره كزعيم مصاب بجنوت العظمة يرغب في السيطرة على العالم العربى كجزء من أيديولوجيته العربية، ولكنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم.
وانتقل الكتاب إلى جزء ثانٍ، وهى قيام الاستخبارات الإسرائيلية، بتدريب العديد من الجواسيس لجمع عدد من المعلومات عن الدول العربية وتجنيد الوكلاء وزرعهم في البلدان المستهدفة للقيام بأعمال التخريب والعمليات الخاصة.
الجاسوس "ثيو دور جروس"
وكان من بين الجواسيس الذى تحدث عنه الكتاب، ثيو دور جروس "أحد هؤلاء الذين ولدوا في المجر عام 1920، كان جروس مغنى أوبرا في إيطاليا والمكسيك خلال الحرب العالمية الثانية، ومن ثم أصبح جنديًا بريطانيًا، وبدأ العمل في مجال الاستخبارات وغير اسمه إلى "تيد كروس" وعندما اندلعت حرب عام 1948 اكتشف جذوره اليهودية وهاجر إلى إسرائيل وتطوع في جيش الدفاع الإسرائيلي.
وجذبت طلاقة تيد كروس للغات المختلفة كالإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والفرنسية، الاستخبارات الإسرائيلية، ومن ثم اصبح اسم كروس "ديفيد ماجن"، حيث إنه عمل الاتجار بالمخدرات وصار يعرف بأنه الجاسوس المثالى.
وتم تكليف "ماجن" باغتيال الأشخاص الرئيسيين في النظام المصرى وذهب الفعل إلى مصر عام 1948، وأجرى اتصالات مع أعضاء الشباب من الصهيونية اليهودية السرية، ووعد اليهود الخمسة الذى تم تجنيدهم بأنه بعد المهمة سيتم خروجهم من مصر بجوازات سفر مزورة، وفى ساعة الصفر أعلن ماجن أن المهمة قد اجهضت وعاد فجأة إلى إسرائيل دون أي تفسير.
وجاء اجهاض العملية، لأنه لم يتم منحه الأموال الكافية لتنفيذ مهامه، ومن هنا حاول أن يبع المخدرات في مصر ليجنى مالاً بمساعدة أشخاص من بريطانيا، وبعد بضع سنوات، أثناء محاكمته في إسرائيل، تبين أن ماجن باع شخصيًا المخدرات في إيطاليا أثناء عمله لصالح إسرائيل.
واستمر ماجن في تنفيذ مهام الاستخبارات الإسرائيلية فى إيطاليا والتي شملت تجنيد العملاء وتشغيلهم، وفي عام 1952 فقط اكتشف أنه عميل مزدوج لأنه كان يعمل لصالح المخابرات المصرية.
وقد أعيد إلى إسرائيل واعتقل، وظهر بعد ذلك أنه وقع في حب أمينة نور الدين وهي شابة كانت جزءًا من العائلة المالكة المصرية، بعد أن أصبحت قصة حبهم معقدة، أجبرت ماجن على الفرار من مصر، ولكن قبل القيام بذلك عرض خدماته على المخابرات المصرية مقابل مبلغ كبير من المال.
خطة تسميم آبار المصرية
وانتقل الكتاب، إلى الجزء الثالث المتعلق بـ تسميم آبار مصر، كان هذا شكلاً مقبولاً من أعمال التخريب خلال فترة ما قبل الدولة وسنوات إسرائيل الأولى.
ففي مايو 1948، تم القبض على ديفيد مزراحي وعزرا هورين، عميلين إسرائيليين بالقرب من آبار في غزة، يرتديان ملابس عربية، اتهمتهما السلطات المصرية بالتخطيط لتسمم الآبار لأنهما كانا يحملان سائلا يحتوي على بكتيريا من شأنها أن تسبب التسمم لمن يشربها، تعرض مزراحي وهورين للاعتقال على أيدي المصريين، ومن ثم تم التخلى عن الخطة اللاحقة لتسمم الآبار المصرية.
قضية لافورن
في عام 1951، قام أبراهام دار، وهو ضابط فى الوحدة 131 من المخابرات العسكرية الإسرائيلية، والذى يتولى العمليات خارج خطوط العدو، بتجنيد شبكة تخريبية لليهود المصريين، دخل البلاد متنكرًا في شخصية رجل أعمال بريطاني يدعى جون دارلينج، حيث إنه جند طلاب من حركات الشباب الصهيونية.
تم إرسال أعضاء الشبكة إلى إسرائيل لتدريبهم على الأسلحة والاتصالات والمراقبة والتشفير، ثم عادوا إلى مصر وطُلب منهم الانتظار للحصول على التعليمات، حتى يتمكنوا من تفجير الجسور والطرق وغيرها من المنشآت الاستراتيجية.
وتولى أبراهام سيدنويرج، قيادة شبكة التخريب المصرية، وقام بتجديد علاقاته مع خلايا المجندة في القاهرة والإسكندرية، وكان الهدف هو مهاجمة المواقع البريطانية والأمريكية في القاهرة والإسكندرية وجعلها تبدو وكأنها من عمل القوميين المصريين، كان الأمل في تقويض العلاقة بين مصر والقوى الغربية ومنع انسحاب القوات البريطانية من قناة السويس.
وفى يوليو عام 1954، نفذت الشبكة، ثلاث هجمات، على مكتب البريد الرئيسى فى الإسكندرية والمكتبة الأمريكية فى القاهرة، والمكتبة الأمريكية في الإسكندرية، ولكن الخطة فشلت وأدت الهجمات إلى اعتقال 13 من أعضاء الشبكة، أعدم اثنان منهم هما شموئيل عازار والدكتور موشيه مرزوق، حُكم على الآخرين بالسجن مددًا تتراوح بين سبع سنوات ومدى الحياة. تم إطلاق سراحهم فقط في عام 1968 في تبادل للأسرى بعد حرب 1967.
وعند عودته إلى إسرائيل، اتهم بأنه عميل مزدوج وخيانة زملائه في الشبكة، ولكن نظرًا لعدم وجود دليل قوي على ذلك، فقد أدين في عام 1960 بجرائم أخرى مرتبطة بالاتصال بضابط مخابرات مصري وحكم عليه بالسجن 12 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة