حالة من الهلع تنتاب العالم، جراء انتشار فيروس "كورونا" في الآونة الأخيرة، في ظل امتداده إلى العديد من المناطق، دون تفرقة بين دول العالم الأول أو الثالث، حيث ظهر أولا في بعض الأقاليم الصينية، لينطلق منها إلى العديد من الدول الأخرى، بين الجوار الآسيوى، مرورا بأوروبا، وحتى أمريكا، والتي اكتشفت مؤخرا عددا من الحالات في بعض الولايات، وعلى رأسها كاليفورنيا، ناهيك عن منطقة الشرق الأوسط، التى تحول فيها الفيروس إلى أزمة حقيقية، هو ما يتجلى بوضوح في إيران، والتي طال فيها الفيروس عددا من كبار المسئولين.
أزمة "كورونا" الحقيقية تجسدت في تحوله إلى شبح أثار الذعر في نفوس ملايين البشر حول العالم، ربما أكثر من الفيروس نفسه وأثاره، خاصة مع تواتر الحديث عن احتمالات إصابة بعض الشخصيات ذات الأهمية العالمية، على غرار البابا فرنسيس، بالإضافة إلى إجراءات حكومية اتخذتها عدة دول بإغلاق مناطق ومقاطعات بعينها، وعزلها عن دولها، وهو ما قامت به الحكومة الإيطالية، وهو الأمر الذى ساهم في تعزيز المخاوف، في ظل الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها تلك الدول، لتتحول حالة "الحذر" المطلوب لمواجهة الخطر الصحى، إلى "ذعر" عالمى.
إلا أن التساؤل حول ما إذا كانت حالة الذعر الحالية، التي تسعى وسائل الإعلام العالمية إلى ترويجها في العديد من مناطق العالم، تمثل انعكاسا حقيقيا لطبيعة الأزمة، أم أنها جزء من مخطط يحمل في طياته أهدافا سياسية هنا وهناك، خاصة وأننا لو نظرنا إلى "خريطة" المرض نجد أن الحديث المتفاقم عن كورونا وأثاره، يدور في مناطق تحمل زخما سياسيا، فالبداية كانت من الصين، التي تخوض معركة تجارية مع أمريكا، بينما انتقلت المسألة بعد ذلك إلى إيران، حيث المعركة المحتدمة مع القوى الغربية حول مستقبلها النووي، بينما يبقى الذعر من انتشار الفيروس في أوروبا متزامنا مع حالة من الجدل حول مستقبل الاتحاد الأوروبى، خاصة بعد خروج بريطانيا فعليا في يناير الماضى.
ولعل محاولات نشر "الذعر" في العديد من مناطق العالم يعد بمثابة أحد الثمار المستهدفة من وراء "شبح" كورونا، عبر الضغط الاقتصادى، كما هو الحال في الصين أو زعزعة الثقة بين الشعوب وأنظمتها الحاكمة لتأجيج الغضب الشعبى تجاه الحكومات "المارقة"، أو لتحقيق أهداف أكبر عبر تغيير خريطة بعض المناطق، على غرار الوضع في أوروبا، بينما تبقى وسائل الإعلام الدولية هي الوسيلة لتحقيق هذا الهدف، عبر حالة من التهويل، سواء فيما يتعلق بالإصابات، أو طبيعة الشخصيات المصابة، أو حتى في إطار تعليقاتها على الخطوات التي اتخذتها الحكومات في مواجهة "الخطر الداهم".
وهنا يمكننا القول بأن تحويل كورونا من فيروس يمكن علاجه، إلى "أسطورة مدمرة"، يأتي في إطار خطة لإعادة تشكيل العالم، في إطار الإعداد لنظام دولى جديد، يشمل إعادة هيكلة خريطة القوى الدولية في العالم، عبر تصعيد قوى جديدة في العديد من المناطق، لتحل محلها قوى جديدة، وهو ما يبدو، على سبيل المثال في زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للهند، ربما لتقديمها كبديل للصين في آسيا، وكذلك التوجه الأمريكي نحو أوروبا الشرقية على حساب الحلفاء التقليديين في غرب القارة العجوز الدولية الكبرى، وبالتالي تبقى محاولات تضخيم الأزمة الراهنة، جزءا جديدا مما يمكننا تسميته "لعبة تصدير الأشباح" لتحقيق أهداف القوى الدولية الكبرى في المستقبل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة