فى الوقت الذى كان فيه قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية يترأس اجتماع اللجنة الدائمة للمجمع المقدس لبحث قرار غلق الكنائس، كانت بعض الكنائس في المحافظات تمارس أنشطتها بشكل طبيعي دون مراعاة لاعتبارات الازدحام والاشتراطات الصحية لتجنب نقل عدوى فيروس كورونا.
السبب الأول: عدم الاستجابة لتعليمات السلامة فى كنائس المحافظات
البطريرك الذى أصدر قرارا الأسبوع الماضي يقضى بوقف تعليق الاجتماعات الكنسية والأنشطة ومدارس الأحد بدأ بنفسه أولا، إذ علق اجتماع الأربعاء الأسبوعي الذى يترأسه من الكاتدرائية وظهر يلقى عظته الأسبوعية وحيدًا، بينما اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لأساقفة خاصة في الصعيد يجمعون حولهم مئات الأقباط ويتحدثون عن الوباء الذى لا يصيب مؤمن مثلما فعل الأنبا يؤانس أسقف أسيوط الثلاثاء الماضي.
البابا تواضروس في اجتماعه مع اللجنة الدائمة للمجمع المقدس اليوم، تلقى تقارير من كافة الإيبراشيات وقرر إيقاف الأنشطة وإغلاق الأديرة مدفوعا بأربعة أسباب رئيسية، الأول هو عدم التزام الكنائس بتعليمات السلامة وصعوبة تطبيق تلك الاشتراطات على ما يقرب من 4 آلاف كنيسة متفاوتة في طبيعتها الديموجرافية ومستوى شعبها التعليمي والاجتماعي والثقافي، ففي الوقت الذى استجابت فيه كنائس الطبقة الوسطى والطبقة العليا لتعليمات السلامة وتجنب الزحام، فإن كنائس الريف والمناطق الشعبية لم تسمع بتلك التعليمات حتى اليوم.
السبب الثانى: مبادرات فردية من أساقفة الكنيسة لتقليل الزحام
أما السبب الثاني الذى دفع البطريرك لاتخاذ هذا القرار رغم صعوبته، هو مبادرات الآباء أساقفة الكنيسة لتقليص الأعداد وتجنب الزحام حيث يسمح نظام الكنيسة اللامركزي لكل أسقف بإدارة إيبراشيته بطريقة منفردة لا تخضع مباشرة لسلطة الكاتدرائية إلا في الأمور العقيدية، بينما تبقى سلطة التدبير الرعوي مهمة الأسقف ومن ثم فإن الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط أحد أبرز الإصلاحيين قد قرر قصر القداسات على كاهن وشماس ومرتل، ومطالبة الأقباط بعدم الحضور وفي حالة عدم الاستجابة سوف يسمح لكل قبطي بالحضور مرة في الأسبوع، بينما قرر الانبا كاراس أسقف عام المحلة غلق الكنائس على الكهنة طوال الأسبوع والسماح للأقباط بالصلاة يوم الأحد فقط.
أما الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا الذى يتمتع بشعبية كبيرة فقد ظهر أيضا وحيدا في اجتماعه الأسبوعي بعدما منع شعب الكنيسة من الحضور، وخصص عظته للحديث عن الأوبئة، وقال"لا يليق بنا أن نهوِّن من حجم الخطر المُحدِق بالعالم، فإذا قامت الحروب فلا بد أن نكون مستعدين، وإذا حذّروا من الوباء فلنحذر الوباء، وإذا نبّهوا إلى الزلازل والحريق والبراكين والمجاعات فلنحذر هذه أيضًا".
وتابع: "فقد حدثت بالفعل مثل هذه ومات كثيرون، ومنهم قديسون ماتوا بالوباء مثل القديس باخوميوس أب الشركة، والذى راح يطوف بين المصابين بالطاعون يقدم لهم أنواعًا من العون، مثلما مات "باسيل هانسن" بالجزام وهو يحيا بين المجزومين يعالجهم، وقديسون افترستهم الوحوش، وآخرون ماتوا بطرق مشابهة، ولم ينقص هذا من قداستهم؛ فليس مُهمًّا كيف وأين مات الشخص؟ وكم عاش؟ ولكن المهم: كيف عاش ما عاشه من السنين؟".
واستكمل: "اجتمعنا بمندوبين عن جميع الكنائس، وشرحنا لهم ما يجب أن يعرفوه عن "كوفيد 19" بالصور والفيديو، وذلك من خلال مجموعة من الأطباء والصيادلة والمتخصصين، سواء من جهة نشأته وتطوّره وخطورته، أو كيفية الوقاية من الإصابة به، ثم كيفية التعامل مع الحالات المشكوك فيها، ثم كيف نتابع باستمرار تعليمات وزارة الصحة وتقاريرها وقرارات الحكومة
كذلك فإن بعض الأديرة قررت وبشكل فردي، عدم استقبال الزوار والرحلات وأسر الرهبان وهي أديرة الانبا بيشوي، والبراموس والانبا بولا بينما يلزم القرار الجديد كافة الأديرة بالغلق.
السبب الثالث: قرارات الطوائف الأخرى بغلق كنائسها
مساء أمس، بدأت الطوائف المسيحية في إعلان قرارات غلق كنائسها واحدة تلو الأخرى، إذ اجتمع السنودس الإنجيلي وهو الهيئة العليا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في مصر وقرر إغلاق جميع كنائسه ومبانيه الإدارية، وفي المساء كانت الكنيسة القبطية الكاثوليكية تعقد اجتماعا لآباء السينودس تقرر على أثره أيضا تعليق الصلوات الجماعية والسماح لأسرة المتوفي فقط بحضور صلاة الجنازة
تلك القرارات شجعت الكاتدرائية على اتخاذ قرار غلق الكنائس رغم ما قد يلاقيه القرار من صدمة لعموم الأقباط ولكن لا يليق بكنيسة الأغلبية أن تترك رعاياها عرضة لخطر العدوى بينما تمتنع باقي الكنائس عن ذلك حفاظا على الأرواح.
السبب الرابع: إغلاق غالبية كنائس المهجر وبث القداسات أونلاين
طوال الأسابيع الماضية، اتخذت عدد من الدول التي تتواجد فيها الكنائس القبطية بالمهجر قرارات بغلق الكنائس مثل بعض الولايات الأمريكية وكندا والدول الاسكندنافية والكويت وغيرها، إلا أن أبرز تلك الأحداث ما جرى في الكنيسة القبطية بالسويد وهو ما أعلنه الأنبا أباكير أسقف الدول الإسكندنافية، حيث قال إن قبطيا مصابا بكورونا تسبب في عدوى لكل الكنيسة وهو ما دفع السلطات لغلق كافة الكنائس في الدول الإسكندنافية لخطورة الموقف وكذلك تم تطبيق العزل الصحي على كل المصلين.
أمام تلك المتغيرات التي يتابعها البابا تواضروس في مصر والمهجر، وأمام الزحام الشديد الذى شهدته قداسات الجمعة أمس في كافة الكنائس لم يجد البطريرك حلا سوى غلق كافة الكنائس لمواجهة خطر الوباء.