لا يتمتع دوما العمل الوثائقي بالشعبية التي يستحقها علي عكس الأفلام الروائية الطويلة التي تضم نجوم كبار، فهي الأكثر متابعة والتي يلهث وراءها الجمهور رغم أن هناك العديد من الأعمال الوثائقية التي تكشف أسرار دول ويتم اتخاذها كوثائق في محاكمات وهو ما يؤكد علي مدي أهمية تلك النوعية من الأعمال مثل فيلم مقتل "توباك شاكور " المطرب الأمريكي الذي لقي مصرعه في التسعينات رميا بالرصاص وقيد الحادث ضد المجهول إلي أن كشف فيلم وثائقي عن القاتل الحقيقي، أو مثلا فيلم إلي سما السوري الذي ترشح للأوسكارويعتبر وثيقة وشاهد عيان علي مآسي عانا منها أهل سوريا علي مدار سنوات ومؤخرا فيلم STORY OF GOD والذي قدمه مورجان فريمان والذي طرح العديد من الأسئلة الصعبة للبحث عن الله وفيلم leaving neverland الذي إعاد فتح الشكوك حول انتهاكات مايكل جاكسون الجنسية التي طالت الأطفال كلها أعمال ربما يجب ان يعيد المشاهد النظر في الاهتمام بها بالقدر الكافي لما لها من أهمية ليست فقط علي المستوي المحلي وإنما إيضا علي المستوي العالمي.
قبل أيام قليلة صدر حديثا المسلسل الوثائقي الجديد Humans 100، وهو العمل الذي يغوص في النفس البشرية في محاولة للتعرف علي تفضيلات البشر والوصول إلي نتائج لربما جعلت حياتنا اسهل.
الفيلم يعتمد علي جمع 100 فرد من كافة الفئات العمرية والخلفيات الثقافية للوصول إلي إجابات حول عدد من الأسئلة تبدو بسيطة وسهلة لكن حقيقة الأمر أنها معقدة وتحتاج لدراسة، ربما سألناه لأنفسنا من قبل ولم نجد لها إجابة، علي سبيل المثال، حقيقة لماذا تنجذب النساء إلي الرجال أصحاب المهن التي تتطلب ارتداء ملابس رسمية كالطيار أو ضابط الشرطة والجيش و الأطباء وحتي المهندسين ممن يرتدون ملابس آمنة في مواقع عملهم؟، أو سر انجذاب المرأة للرجل أبو دم خفيف رغم وجود عيوب أخرى؟ ، ايضت اذا كنت عضو من أعضاء لجنة المحلفين التي تحكم علي المتهمين سواء كنت رجل أو امرأة هل يفرق المجرم الوسيم أو القبيح في عدد السنوات التي ستحكم بها عليه والنتيجة بالمسلسل مفاجآة.
8 حلقات هي مدة الموسم الأول من المسلسل الوثائقي الذي كل حلقة من حلقاته تجيب علي تساؤل مثل هل الألم ضد المتعة، كيف تصل إلي السعادة، وغيرها من التساؤلات.
العمل يغوص في النفس البشرية بشكل حقيقي ويعطي نتائج غير متوقعة لأسئلة كنا نظن أن إجاباتها بديهية، لكن حقيقة الأمر لا، فمن ضمن النتائج التي استخلصها المسلسل هي أن النساء تنجذب للرجال ممن يرتدون ملابس انيقة وعادية عن هؤلاء الرجال ممن يرتدون ملابس رسمية كزي الطيار أو الطبيب والظابط ، الرجل الوسيم الخارج عن القانون سيحكم عليه بسنوات سجن أقل من ذلك الرجل صاحب الملامح القبيحة فالنساء تتعاطف مع الرجل الوسيم حتي ولو كان مجرم.
النساء تميل إلي الرجل خفيف الدم حتي ولو كان لديه عيوب أخري عن الرجل الممل والمثالي بشكل عام، وأيضا الرقص لدي الحيوانات هي واحدة من التباهي بالذكورة والخصوبة واعتقد البعض أن الامر قد ينطبق أيضا علي الرجال لكن المسلسل يصل إلي نتيجة، وهي أن الرجل الذي يتمتع بلياقة بدنية وقادر علي الرقص ربما تكون خصوبته كذكر صفر بينما غيره من الرجال ممن لا يجيدون الرقص ولا يتمتعون باللياقة البدنية المطلوبة هم أكثر خصوبة ولديهم قدرة انجابية عن غيرهم من الرجال وذلك طبقا لتحليل للحيوانات المنوية للرجال المشتركة.
أمر أخير استخلص اليه المسلسل وهو تساؤل وصل العمل لنتائج فيه وهو أن المرأة تنجذب للرجل الوسيم صاحب الملابس المهندمة سواء كانت رسمية أو لا ، بينما ينجذب الرجل جنسيا إلي كل النساء سواء كانت من أصحاب البشرة البيضاء او السمراء ترتدي ملابس رسمية او غير رسمية وهو ما وصفه المسلسل تحت مسمي " الرجل ينجذب إلي كل ما يمشي علي الأرض" ربما هي مبالغة لإضفاء حس الفكاهة علي عمل يغوص في النفس البشرية المعقدة، لكنها بشكل أو بآخر حقيقة اثبتها تجربة علي 100 شخص من مختلف الأعمار انها حقيقة.
