هناك عدة نقاط مضيئة فى التعامل المصرى مع فيروس كورونا، يلتقطه أى شخص طبيعى حتى هؤلاء الذين يحملون دائما انتقادات أو يطلبون أكثر.
هناك شكل ومضمون لإدارة الأزمة واضح أنه يقوم على تخطيط علمى وآراء المتخصصين والخبراء، هناك تعامل علمى ترجمته قرارات وخطوات تبدو محسوبة، وباستثناء تأخر بعض الجهات التنفيذية فى اتخاذ قرارات فيما يتعلق بالتجمعات الدينية والصلوات فى المساجد والكنائس، وهناك أيضا مقاومة وتعامل باستهتار مع قرارات غلق المحلات والمقاهى، البعض يتعامل باستهتار ربما تكون له اثار سلبية. والواقع ان قرارات المنع والحظر تتطلب الكثير من الصبر والحسم والتعامل السياسى والتدرج.
أمامنا أيضا منظومة صحية حكومية نجحت حتى الآن فى التعامل مع الفيروس، بشكل احترافى، يسير على برتوكولات منظمة الصحة العالمية، هزمت بسرعة شائعات وادعاءات حاول بعضها إشاعة الرعب ومزاعم بأرقام اتضح خطأها وكانت الشفافية مهمة فى هذا السياق، النتائج حتى الآن مطمئنة لكنها تحتاج المزيد من التعاون من المواطنين. ونفس الأمر فيما يتعلق بآلاف الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وكل من فرضت عليه طبيعة عمله البقاء لأسابيع تحت حصار الفيروس والابتعاد عن اهله واسرته.
حتى الآن أثبتت المنظومة الصحية الحكومية أنها فى الصدارة بالفعل، ولم تدخل المستشفيات الخاصة فى المنظومة حتى الآن ويفترض أن تكون خطة المواجهة شاملة لإدخال المؤسسات الخاصة فى العملية حال لاقدر الله تضاعفت الحالات أو العدوى، لأنه لا يعقل أن تبقى هذه المؤسسات الخاصة خارج سياق المواجهة مع فيروس لا يفرق بين الناس لثرائهم، وهذه المستشفيات الخاصة يفترض أن تدخل ضمن الاستعدادات فى حال كانت هناك حاجة لذلك.
نحن لا نقول إن نظامنا الطبى مثالى، لكنه ليس بالسوء الذى يحاول بعض محترفى «الدونية» تصديره وأبناؤنا وإخوتنا من الهيئات الطبية والتمريض يقومون بدور مهم، ولاتزال خطة وزارة الصحة حتى الآن فعالة، خاصة المستشفيات العامة والمركزية والحميات ومستشفيات العزل، وهذه الهيئات تستحق أن يتم النظر إليهم بوصفهم خطوط دفاع أولى، وقد يكون هناك حاجة بالفعل لرفع بدلات العدوى لهذه الهيئات، وأيضا لآلاف العمال فى النظافة وغيرها ممن يضطرون يوميا لمتابعة عملهم فى رفع القمامة وتنظيف الشوارع والمنازل.
لقد كانت هناك مخاوف من ضعف المنظومة الصحية العامة فى مصر، ولاتزال هناك مقارنات رقمية تقول إن إيطاليا مثلا فيها 8 أطباء لكل ألف نسمة، بينما فى مصر 2 طبيب لكل ألف نسمة، ومع ها فقدت المنظومة الصحية الإيطالية السيطرة، بسبب عدم التزام الإيطاليين بتحذيرات منع الاختلاط والخروج وهى نفس حالات الاستهتار التى نراها فى بعض شوارعنا، فضلا عن أن حوالى 29 % من الإيطاليين فوق سن الـ60، وهو ما يصعب الأمر. وفى نفس الوقت يستحق الشكر كل من شارك فى رسم هذه المنظومة سواء فى الحكومة أو وزارة الصحة أو الإدارات الصحية، وهى جهود جيدة تحتاج لأن نبنى عليها، ونكون مستعدين لمضاعفة ميزانيات الصحة ومعها طبعا البحث العلمى فهما أدوات التقدم والمواجهة.
هناك مواطنون تجبرهم ظروف عملهم على الخروج، من العاملين فى طوارئ الكهرباء والمياه والصرف والصحفيين وعمال النظافة وفى الصدارة الأطباء والممرضون، ورجال الشرطة الذين يحاولون ضبط قرارات الإبقاء فى المنازل، وطبعا رجال القوات المسلحة والحرب الكيماوية الذين يقومون بدور بطولى فى تطهير المؤسسات والجامعات والشوارع بشكل مستمر. وهؤلاء مضطرون لكن هناك أعدادا من المواطنين يفترض أن يستمعوا للنصائح والتحذيرات ويبقوا فى منازلهم، ويتبعوا إجراءات الوقاية والنظافة حتى يمكن تخطى أزمة تضرب كل دول العالم.