لا حديث فى العالم الافتراضى يفوق فيروس كورونا وتركيبته الجينية وأنواعه وأشكاله، وبفضل كورونا اكتشفنا عدة آلاف من الخبراء فى شؤون الفيروس ليس من بينهم من درس الطب ولا الصيدلة، لكنه كل هذه أمور شكلية باعتبار أن الحديث فى فيروس كورونا ربما لا يختلف كثيرا عن الحديث فى الطبخ والزراعة والسلاح النووى وتوالد النمل، وتخصيب اليورانيوم المستخدم فى صناعة الملابس الحرارية، ودائما ما يحرص هؤلاء على الإدلاء بآرائهم فى كل الشؤون بنفس الحماس والعمق والعلم ببواطن الأمور الفيروسية والنووية.
ونشك أن يرتاح خبراء الحماس الفيروسى بعد إعلان مصر عن حالتين لأجانب ظهر لديهما كورونا، مثلما ابتهجوا لإعلان فرنسا عن حالتين مرا على مصر ودول أخرى، حيث يتم تجاهل «الدول الأخرى» والتركيز على مصر، ضمن رغبة هائلة، لأن تكون مصر من الدول التى وصلها الفيروس حتى يؤكد خبراء الهبد مصداقيتهم «الفيروسية».
كانت أهم مرجعيات الخبراء للتأكيد بأن مصر بها كورونا، هو رسائل واتس آب مجهولة المصدر تتبادل فيها بعض ربات البيوت أخبارا عن ظهور حالات فى الإسكندرية، ورسالة مجهولة أخرى عن وفاة فى الهرم مصدرها ابن خال قريب جار ابن عمة الحالة المذكورة، وتلبست حالة اليقين الوبائى الخبراء ليقسم كل منهم بكل الأيمان التائهة والناجزة أن كورونا موجود فى مصر مع حالة من التكتم الشديد، كل هذا مع أن منظمة الصحة العالمية لديها تحديث لحظى بكل حالة تظهر مع خريطة لدول العالم، ويأتيك الرد من الخبير التعالى بأن منظمة الصحة تنقل من وزارة الصحة، وبالتالى يمكن إخفاء الإصابات وإنكارها.
وإذا كان هناك من يريد نشر الرعب والفزع، متعمدا، فهذا يمكن تفهمه وقد اعتاد المصريون على هذه الألعاب من قنوات قطر وتركيا ولجانهما التى لم تعد لديها ذرة من المصداقية من كثرة الكذب، وربما لهذا سوف نجد من بين خبراء كورونا الجدد، حقوقيين نشطاء، كل منهم حول حساباته من منصة لنشر الفزع الفيروسى، لدرجة أن حقوقيا لم يسبق له تناول موضوع طبى أجهد نفسه فى إطلاق شائعات عن حالات فى مصر، وبالرغم من تكذيبه بالصوت والصورة نشر فيديو وضع فيه أخباره المفبركة، مع أخبار أخرى أكثر فبركة، اللافت أن هذه الأحبار المضروبة تتلقفها الجزيرة وتبدأ فى تحليل الشائعة باعتبارها حقيقة. وهى خاصية تنفرد بها الجزيرة وتوابعها فى تركيا، حيث يعالجون كل موضوع بشكل عدائي، وليس من باب المعرفة أو المهنية.
خبراء كورونا لدينا لم يدرسوا الطب ولا غيره ومع هذا كانوا قادرين على إطلاق بوستات وتويتات تشرح «لها» عن أدق أسرار الفيروس خاصة فى مصر، هؤلاء الخبراء ظهروا مندهشين من عدم ظهور كورونا فى مصر، بالرغم من ظهوره فى كل دول العالم المتقدم.
خلال أقل من 24 ساعة طلعت علينا عشرات الآلاف من البوستات والتويتات التى تتحدث عن فيروس كورونا، والتأكيد بأننا لدينا حالات هائلة من الإصابات، ظهرت وماتت وتم التكتم على أخبار الإصابات.
أما أدلة الخبراء على انتشار كورونا فى مصر أن إيطاليا بها 1577 توفى منها 5 و86 فى إسبانيا ووفاة 66 فى إيران و150 فى ألمانيا و43 ففى تايلاند و41 فى تايوان و14 فى السويد، وهى بيانات منظمة الصحة العالمية، المتاحة، التى تتم بناء على بلاغات الدول، وكما أعلن الخبراء الحقيقيين، فإن هناك مئات يمكن أن يصابوا بفيروس كورونا ويتم شفاؤهم دون أن يعرفوا، فى مصر وغيرها، وأن الفيروس إذا جاء لا توجد مصلحة للتعتيم عليه، ويستحيل أن يسقط ضحايا فى صمت أو تكتم.
ونظن أنه منذ أول لحظة تم التعامل مع الأمر بجدية وصلت إلى نقل مصريين من ووهان الصينية للحر 14 يوما، وتم التعامل معهم بكل احترافية، واستحقت عنه وزير الصحة التحية، مثلما تستحق التحية على سفرها للصين بتعليمات الرئيس، للتضامن وتبادل المعلومات مع الصين، مع موقف مصرى محترم لإضاءة آثارنا بعلم الصين، تزامنا مع رحلة الوزيرة هالة زايد التى تعرضت وما تزال لحملة بعضها موجه والبعض الآخر من جهلاء خبراء الفيس بوك، ممن يساهمون بجهلهم فى مضاعفة الفزع، من دون معلومة أو علم، فى موضوع لا يحتمل تهجيصا ولا تهريجا.