تعد لوحة "غرق السفينة ميدوزا" أو طوافة قنديل البحر، أحد أشهر اللوحات العالمية التي قدمت نقدا لاذعا للمجتمع، وفسرت نظرة الطبقات العليا إلى فئات العمال، وكيف يمكن التضحية بهم، واللوحة رسم زيتي رُسمت بين سنتي 1818-1819 من قبل الفنان الفرنسي الرومانسي تيودور جيريكو، وهذه اللوحة تصور حالة الصراع بين الرجال من أجل أن يكون واحد منهم قائد في السفينة، وتعرض اللوحة في متحف اللوفر في فرنسا.
تتناول هذه الرواية حادثة حقيقية جرت في عام 1816م، وتتعلَّق بسفينة "ميدوزا"، فخر البحرية الفرنسية في ذلك الزمن، التي أبحرت من بلادها وعلى متنها 400 شخص، على رأسهم الحاكم الفرنسي للسنغال آنذاك. وقبل أن تصل إلى هدفها، علقت في الرمال في المحيط الأطلسي، غربي القارة الإفريقية، بموزاة مدينة نواكشوط الموريتانية. عندها، ركب علية القوم والضباط والبحارة اللازمين للتجديف قوارب الإنقاذ الستة. وبقي بعض البسطاء على السفينة التي يتهدَّدها الغرق، وانتقل 147 شخصاً آخرين من غير علية القوم إلى طوف هو عبارة عن أعمدة خشبية ضخمة جرى ربطها إلى بعضها على عجل، على أمل أن تسحبه القوارب خلفها. لكن ركاب القوارب قرَروا قطع الحبال، وترك الطوف في عرض البحر، وليس عليه سوى كيس من الخبز المبتل بمياه البحر، ومخزون قليل من الماء العذب. وبعد مرور 13 يوماً، تكتشفهم صدفة سفينة أخرى، وقد بقي منهم 15 شخصاً فقط استطاعوا البقاء أحياءً لأنهم أكلوا من جثث الأموات.
الفنان الفرنسي الرومانسي تيودور جيريكو
وبحسب الدكتور أسامة الفقى في كتابه " التفكير بالألوان: مائة لوحة مختارة" تأثر الفنان الفرنسي بهذه الفاجعة الإنسانية مما حدا إلى مقابلة بعض الباقين على قيد الحياة من هذه المأساة ليرووا تفاصيلها، لتسطير عليه الرغبة في تصوير الحادثة المؤلمة بصورة واقعية تظهر معاناة هؤلاء الأشخاص مما جعله يطلب من النجارين عمل نموذج للطوافة التي تمسك بها هؤلاء الأشخاص وضعه عنده في المرسم.
اختار جيريكو هذه المناسبة لإطلاق حياته المهنية عن طريق عمل فني غير مكلف كان قد أثار اهتمام عامة الناس مسبقا. قام جيريكو بعمل عدة دراسات ورسومات مبدئية تحضيرا للعمل النهائي بالإضافة إلى مقابلة اثنين من الناجين من الحادثة وقام برسم الطوف بتفاصيله وبأبعاده الحقيقية على مقياس مصغر، قام ايضا بزيارة المستشفيات حيث كان بإمكانه رؤية لون وملمس الجثث قبل موتها وبعدها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة