كانت حياة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذى تحل ذكرى وفاته اليوم الموافق 30 مارس مليئة بالأحداث الحزينة والآلام التى عانى منها منذ ولادته يتيما حتى وفاته متأثرا بمرض وألم لم يفارقه حتى الموت.
وعلى الرغم من أن العندليب كان ومازال خير من غنى للحب وجسد بصوته وأغانيه مشاعر الفراق واللقاء والهجر واللهفة والحزن والفرح، ورغم هذه المشاعر الرومانسية ورغم آلاف المعجبات بفنه وبشخصه، فى مصر والعالم العربى، إلا أنه لم يهنأ يوما بالحب ولم يجد السعادة فيه، وكانت كل قصص الحب فى حياته قصصاً حزينة لم تكتمل.
ذاق عبد الحليم عذاب الحب والفراق بعدما حرمه القدر من أول حب برحيل حبيبته "ديدى" عن الدنيا بعد رحلة معاناة مع المرض، وبعدها ظن العندليب أن قلبه لن ينبض بالحب مرة أخرى.
لكن كشف الكاتب الصحفى محمد بديع سربية صاحب مجلة الموعد، خلال سلسلة حلقات نشرت بالمجلة عام 1978 تحت عنوان "مشوار مع العندليب" أن العندليب عاش قصة حب ثانية مع فتاة لبنانية تدعى نجلاء، أيقظت مشاعر الحب فى قلبه وكان ذلك فى بداية الستينيات، حيث ارتبط حليم بعدة زيارات وحفلات فى لبنان وأعجب بالمجتمع اللبنانى، حتى أصبح الفنان المدلل فى المجتمع اللبنانى تتخاطفه البيوت والسهرات.
وأوضح سربية أن نجلاء كانت من نجوم مجتمع بيروت الراقى وحسناواته اللاتى يلفتن الانتباه، وكانت حذرة وهادئة لا تبتسم إلا بقدر ولا تظهر إلا فى القليل من المناسبات الاجتماعية، ولفتت انتباه العندليب حين التقاها فى أكثر من مناسبة.
وأكد سربية أن حليم تعلق بهذه الفتاة، حتى أصبح حريصا على أن يراها دائما وأن يتجاذب معها أطراف الحديث، وكانت لهما صديقة مشتركة سألها حليم عن نجلاء وأبدى إعجابه بها.
وأشار الكاتب الصحفى بديع سربية إلى أن العندليب رأى فى نجلاء الكثير من ملامح ديدى واعترف كل منهما بحبه للآخر، وقالت له نجلاء إنها تريد أن يكون من تحبه لها وحدها وهو له آلاف المعجبات وأنهما مثل الشرق والغرب، ولم يستطع حليم يومها أن يحسم أمره بأن يطلب منها الزواج، وأخبرها بأنه سيسافر.
وتابع سربية أن حليم أطلق اسم حبيبته اللبنانية على النجمة الجديدة التى اكتشفها فسماها نجلاء فتحى بدلا من اسمها الحقيقى فاطمة الزهراء فتحى.
عبد الحليم حافظ
وعندما سافر العندليب لبيروت لتصوير مشاهد فيلم أبى فوق الشجرة عرف بالصدفة بحفل زفاف حبيبته نجلاء، وأرسل لها باقة ورد تحمل اسمه وتهنئته ليلة الزفاف، لكن قرأ حليم بعد أربع سنوات خبر طلاق نجلاء فى مجلة اجتماعية لبنانية، وأكد سربية أن آخر حديث دار بينه وبين العندليب حول حبه لنجلاء كان عام 1974، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد حليم إلى لبنان حتى وفاته عام 1977.
أما قصة الحب الثالثة والأكثر شهرة فى حياة العندليب فهى قصة حبه للسندريلا سعاد حسنى التى كانت ولا تزال مثارا للجدل والخلاف، حول ما إذا كان العندليب تزوج السندريلا أم لا، وبصرف النظر عن حقيقة زواجهما أم لا يبقى مؤكد أن كلاهما أحب الآخر وأنهما تعذبا بهذا الحب الذى لم تكتب له السعادة والاكتمال.
العندليب ونظرة غيرة
حاول العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ إنكار حبه للسندريلا سعاد حسنى أكثر من مرة رغم قوة هذا الحب الذى شهد به الكثيرون من أصدقائهما المشتركين، حتى أنه بعدما ترددت أنباء كثيرة عن زواجهما ونشرت الصحف خبرا بذلك بعد رحلتهما معا إلى المغرب سارع العندليب فور عودته لنفى خبر الزواج، وهو ما تسبب فى حزن السندريلا وقرارها الابتعاد عن عبد الحليم حافظ ونسيان هذا الحب بحسب ما كتبه الكاتب الصحفى الكبير محمد بديع سربية.
وقال سربية "كان عبد الحليم يبدو أمام سعاد حسنى كعاشق متيم وحبيب يهبها كل الحنان لكن عندما يكونان وحدهما فقط، أما إذا تواجدا فى مجتمع واحد فإنه يتعمد ألا يكلمها إلا بصورة عادية وكأنه يريد أن يوحى للناس بأن الحب بينهما من طرف واحد، حتى قرررت السندريلا أن تنزع حبه من قلبها، بعدما أكد لها صديق مشترك بينها وبين العندليب أن حليم يحبها حبا جارفا، لكنه لا يريد أن يعترف بهذا الحب أو ينساق وراء هذه المشاعر حتى تصل للزواج، مؤكدا أنها إذا كانت تحب عبد الحليم فلابد أن تنتظره عشر سنوات إلى أن تكتمل شهرته ويشبع من أمجاده ووقتها سوف يلهث وراءها كى تتزوجه، وفى هذه اللحظة قررت سعاد قطع علاقتها بالعندليب.
العندليب عبد الحليم حافظ
وتابع سربية "ابتعدت السندريلا عن العندليب وتركت شقتها الخاصة لتقيم فى شقة شقيقتها نجاة، وأمرت الجميع ألا يخبر عبد الحليم حافظ بمكانها، وعندما شعر العندليب بحجم ما سببه لها من حزن تحدث مع نجاة فى أمر زواجه من سعاد، لكن لم تفرح السندريلا بالخبر وقالت فى هدوء "خلاص كل شىء انتهى وعبد الحليم صعب يتزوج وحتى لو تزوج فإننا لن نعيش مع بعض طويلا".
وهكذا كنت الأحزان عنواناً لقصة حب العندليب والسندريلا التى لم تكتمل كسائر قصص الحب فى حياة العندليب.