فنان مصرى عبقرى حفر بصماته في السينما المصرية، ينتمى إلى مدرسة الاندماجن هو الفنان زكى رستم الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ 117، إذ ولد في مثل هذا اليوم من عام 1903، وله رصيد كبير في السينما يتجاوز الـ 240 فيلما، من أبرز تلك الأفلام فيلم نهر الحب الذى جسد فيه دور طاهر باشا الذى تزوج من البنت الفقيرة نوال التي جسدتها الفنانة الراحلة فاتن حمامة.
فيلم نهر الحب مأخوذ من قصة "أنا كارنينا" لليو تولستوى، الذى تحول للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية في الوطن العربى، واستطاع الفنان الراحل زكى رستم تقديم دور متميز يكاد يكون هو أفضل من قدم هذا الدور بالمقارنة بمن قدموه في الأفلام الأجنبية، وتعتمد قصة الفيلم على فكرة الحب غير المشروع، ولكن استطاع المخرج أن يقلب المنطق الأخلاقى للفيلم ويجعل الجمهور يتعاطف مع الزوجة الخائنة، وذلك عن طريق المبالغة فى تصوير برودة مشاعر الزوج زكى رستم وقسوته فى معاملة زوجته فاتن حمامة التى وقعت في حب رجل آخر وتركت من أجله زوجها وطفلها الوحيد.
أما عن قصة الفيلم الأصلية "أنا كارنينا" فتحكى قصة زواج البطلة اضطراريا لظروف أسرية وتعاستها مع هذا الزوج ثم حبها لشخص آخر، القصة عقدتها هي أنها لا يمكنها الطلاق لأنه وقتها لم يكن يوجد طلاق وبالتالي هي مجبرة على الاستمرار في حياة لا تريدها، أما في الفيلم المصري فصور الزوج على أنه معقد ورافض لطلاقها تعسفا، حيث من غير المنطقي أن يقال إن الطلاق ممنوع.
الفنان زكي رستم ولد في قصر جده اللواء محمود رستم باشا، بحي الحلمية الذي كانت تقطنه الطبقة الأرستقراطية في أوائل القرن الماضي وكان والده محرم بك رستم عضواً بارزاً بالحزب الوطني، وصديقاً شخصياً للزعيمين مصطفى كامل، ومحمد فريد وفي عام 1920 حصل على شهادة البكالوريا ورفض إستكمال تعليمه الجامعى، وكانت أمنية والده أن يلحقه بكلية الحقوق، إلا أنه اختار هواية فن التمثيل، وفي عام 1924 كانت رياضة حمل الأثقال هي هوايته المفضلة، وفاز بلقب بطل مصر الثاني في حمل الأثقال للوزن الثقيل.
التقى رستم بالفنان "عبد الوارث عسر" الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية، وبعد وفاة والده تمرد على تقاليد عائلته الارستقراطية وانضم لفرقة جورج أبيض، فطردته أمه من السرايا بعدما خيرته بين سكة الفن والتحاقه بكلية الحقوق، فاختار المسرح فأصيبت بالشلل حتى وفاتها، وانتقل رستم للعيش في عمارة يعقوبيان بوسط القاهرة بمنطقة وسط البلد حيث عاش لبقية حياته.
كانت أول أعماله في السينما الصامتة في فيلم "زينب" عام 1930، ثم شارك في أول فيلم مصري ناطق وهو "الوردة البيضاء" عام 1932، وتوالت أعماله السينمائية لثلاثين عاما متتالية بلا توقف حتى بداية الستينات وبلغ رصيده الفنى من الأفلام 240 فيلماً، ولكن المشهور منها والموجود 55 فيلماً، فقدم على سبيل المثال "العزيمة" 1939، و"زليخة تحب عاشور" 1939، و"إلى الأبد" 1941، و"الشرير" 1942، و"عدو المرأة" 1945، و"خاتم سليمان"، و"ياسمين"، و"معلش يا زهر" 1947، و"بائعة الخبز" 1953، و"الفتوة" 1957، و"امرأة على الطريق" 1958، وآخر أفلامه "أجازة صيف" 1967.
اختارته مجلة «بارى ماتش» الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين عالميين، وأطلق عليه "رائد مدرسة الاندماج"، فكان نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة وفي مشواره السينمائي عرف بتنوع أدواره، فمن أدوار الباشا الأرستقراطي إلى الأب الحنون إلى المعلم في سوق الخضار إلى الفتوة إلى الموظف إلى المحامي إلى الزوج القاسي، وكانت أدوار الشر المتميزة هي بصمته وما عرف بتأديته بشكل بالغ التميز.
زكي رستم بك (5 مارس 1903 - 15 فبراير 1972)، ممثل مصري ينتمي إلى مدرسة الاندماج. يعتبر من أهم ممثلي السينما المصرية، واختير من قبل مجلة (باري باتش) كواحد من أفضل 10 ممثلين في العالم. في رصيده أكثر من 240 فيلم، لم يعرف منها سوى 55 فيلمًا.