فيروس كورونا يجتاح العالم، وأرقام الضحايا على الهواء كل لحظة، والدول ومنظمة الصحة العالمية، تعلن الأرقام لحظيا، وهناك مؤتمرات صحفية لزعماء العالم يوميا يعلنون فيها عدد الإصابات وخطوات المواجهة. هناك تطورات نوعية فيما يتعلق بأجهزة الكشف عن الفيروس. أو بروتوكولات العلاج وأبحاث التوصل إلى لقاحات.
كورونا خطر فيروسى يهاجم العالم ومن الصعب أو من المستحيل إخفاؤه أو التغطية عليه. رعب ينتقل أيضا على الهواء ربما أسرع من الفيروس، فى ظل أدوات اتصال وتواصل. لها ميزات وعيوب، التواصل نقل الرعب بين الدول، ودفعها لاتخاذ إجراءات احترازية، وحجر فى المنازل للأصحاء حتى يمكنهم تفادى العدوى. ثم إن أخبار الأدوية والعلاجات تساعد فى نقل الخبرات. تعلمنا مثلا من تجربة الصين أن العزل أهم خطوات المواجهة، ومن كوريا أن التتبع والعزل بشكل منهجى يحاصر الفيروس، تراجعت الصين إلى المركز الرابع بعد إيطاليا وأمريكا وإسبانيا، وتراجعت كوريا كثيرا، وكانت تجارب الدول التى تصدرت الإصابات مفيدة للدول التالية. ولا أحد ينكر أن الرعب عدوى ساهمت فى التزام بعض الدول التى كان مواطنوها يتعاملون باستخفاف مع الأمر، وفى مصر مهما كانت الانتقادات الاجتماعية هناك نسبة عالية من الالتزام بإجراءات الدولة.
لكن كالعادة بجانب التقارير والنصائح الطبية والعلمية فوائد التواصل، كان هناك انفجار معلومات لنوعيات من النصائح والفيديوهات والتقارير، ليست طبية ولا علمية، وبعضها مجهول القيمة والمصدر تصنع رعبا إضافيا وخوفا مضاعفا وتسعى بعضها لنشر إحباط لا حاجة للناس به.
على سبيل المثال هناك ظاهرة لناشطين وخبراء عمقاء ليسوا أطباء أو علماء أو باحثين، يلعبون دورا فى مضاعفة الرعب بحسن نية أو بسوء نية. فقد ظلت قناة الجزيرة وقنوات الإخوان فى تركيا ومواقع ممولة تنشر تقارير مضروبة عن ارتفاع حالات الإصابات فى مصر، فى وقت كانت الأعداد منخفضة، وكان الكلام أن هناك إخفاء، أو لماذا أصاب الفيروس دول أوروبا ولم يصب مصر بنفس الكثافة، وتجاهل هؤلاء أن دولا أفريقية أخرى لم يزرها الفيروس، أو كانت إصابات خفيفة، وعلى أرقام تحت الدراسة وماتزال قيد البحث، فيما يتعلق بالمناعة أو وجود عناصر مختلفة تجعل بعض الدول أقل فى حجم العدوى. وظهرت نظريات تربط بين لقاح السل والإصابة بالملاريا وبين انخفاض العدوى بفيروس كورونا.
وفى منتصف مارس تورطت صحيفة الجارديان البريطانية فى نقل دراسة عن نيويورك تايمز نقلتها عن باحث كندى إحصائى، زعم الباحث أنه أجرى عملية جمع وطرح وضرب وجذور تربيعية وهندسة فراغية، واستخدم عمليات حسابية معقدة ليعلن أن عدد الإصابات بفيروس كورونا فى مصر يفترض أنه وصل إلى 19 ألفا وليس مائة إصابة مثلما أعلنت مصر ومنظمة الصحة العالمية.
طبعا قناة الجزيرة التقطت الدراسة وبدت جاهزة لالتقاطها، وقدمت محللين وخبراء خصوصيين أعلنوا صحة الدراسة، ضمن حملة تشنها الجزيرة وتتخلى فيها عن أى نوع من المهنية أو الالتزام الإعلامى، لدرجة أنها اخترعت موقعا يحمل اسما أجنبيا تنشر فيه التقارير والأخبار المفبركة، ثم تقوم بتحليل هذا الهراء وتنصب حوله حلقات تجلب لها كائنات «خبراء» ليقولوا ما تريد الجزيرة قوله. تترك القناة فيروس يضرب العالم كله وتتفرغ لنشر تقارير إحصائية اخترعها كندى أو نشرتها جريدة بريطانية مملوكة لقطر عن مصر. ثم تورط فى نشرها بعض مدعى العلم أو النشاط، ومنهم باحث مثل عصام حجى، الذى يقول غنه فى وكالة ناسا للفضاء، ومع هذا يتورط فى نشر هذا الهراء وقبله عن إعصار فى البحر المتوسط لم يحدث، ثم تحدث فى قضية المياه والسدود، بشكل يشير إلى أنه ليس على اطلاع وأنه يتحدث فيما لا يعرف، ويقبل أن يتم توظيفه كأداة فى حرب غير شريفة، مثل الباحث الكندى المزعوم والذى اتضح خطأ حساباته، وبعض مراسلى الصحف التى يفترض أنها مهنية وليست مثل «الجزيرة».
قد يقول البعض إن هناك احتمالات لوجود نسب أكبر من الإصابات، وهو ما أعلنته وزير الصحة هالة زايد، حول إصابة البعض وشفائه من دون أى تحذير، ويطرحه علماء وأطباء.. فيروس كورونا خطر يهدد العالم، وما يزال يخضع للكثير من الفرضيات والتحليلات والتجارب، حول الكشف والعلاج وطريقة الإصابة، ولايفترض أن يتم التعامل معه بتهوين أو تهويل. وأن يوضع فى سياقها ولا يتم توظيفه لأهداف دعائية.