يعد "شم النسيم" من أجمل الأعياد التى تحتفى بها الأسرة المصرية، كل عام، حيث يشترك المصريون جميعا بمختلف أديانهم وطبقاتهم الاجتماعية، الاحتفال بطقوس عيد شم النسيم، بداية من تلوين البيض، وتناول الأسماك المملحة "الرنجة" و"الفسيخ" و"البصل الأخضر"، والذهاب إلى الحدائق العامة والمنتزهات، وحدائق الحيوان، والقيام بالرحلات النيلية، فى سياقات اجتماعية مرحة، لا تُفرق بين أطفال وكبار، ولا بين غنى وفقير، الكل يرقص ويتمايل على "أغنية الدنيا ربيع والجو بديع"، لما تتسم به تلك الأغنية من روح مرحة تتماشى مع الصيف بكلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل إضافة إلى البهجة التى تطلقها السندريلا "سعاد حسنى".
لكن للأسف هذا العام، تبدًل الحال، وأصبح الاحتفال بهذه المناسبة، في المنزل ضرورة واجبة، بسبب "كوفيد 19" والمعروف إعلاميا بوباء كورونا، وخصوصاً بعد قرار الحكومة المصرية بإغلاق الشواطئ والمتنزهات بشكل تام، ووقف كل وسائل النقل العام بما فيها مرفق السكك الحديدية "القطارات" ومترو الأنفاق، وكذلك وسائل النقل النهرى وإيقاف أتوبيسات الرحلات بين المحافظات، خلال احتفالات شم النسيم.
وجاءت قرارات الحكومة، تأكيدا على حرصها على صحة وسلامة المواطنين، وتقديمها على أى شىء أخر سواء كان سيتسبب فى أزمات اقتصادية أم لا، ولكنها أعلنت وبوضوح أن صحة المواطن المصرى على رأس كل الأولويات، خلال هذه الفترة الصعبة التى يمر بها العالم أجمع بسبب تشفى هذا الفيروس الصامت.
والأجمل، أن الحكومة المصرية تقدر معاناة الشعب، لكنها تحرص على سلامته فى المقام الأول، لدرجة أن الكثير يعتقد أنها حريصة على سلامة المواطن أكثر من نفسه، وهذا تجلى فى تعليل المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، للقرارات المتخذة خلال يوم شم النسيم، والتى كان منطوقها، "نعرف أن هذه القرارات بها نوع من الشدة خاصة فى مثل هذا اليوم ونقدر رغبة المواطنين فى الاحتفال ولكننا ننظر للصالح العام ونريد الخروج فى هذا اليوم بأقل قدر من الخسائر، وأن بعض الدول ازدادت أعداد الإصابات بها بفيروس كورونا، نتيجة التزاحم الشديد وعدم اتباع مواطنيها للإجراءات اللازمة، ولهذا نطالب كل المواطنين بأن يكونوا فى حرص شديد، وأنه تم توجيه وزارة الداخلية بالتحكم فى الحركة المرورية وتنظيمها والترتيبات التى سيتم اتخاذها فى حركة المواطنين، وخاصة على الكورنيش والمحافظات الساحلية لضمن عدم حدوث أى نوع من التكدس.
وأخيرا.. أننا في مصر وبحمد لله، مازلنا فى أمان، رغم أن وزارة الصحة، أمس الاثنين، أعلنت تسجيل أعلى معدل إصابات يومى بفيروس كورونا، بواقع 168 حالة بنسبة 6.2% ليرتفع العدد الاجمالى للمصابين لـ2673 حالة من ضمنهم 596 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل، و196 حالة وفا، لكن الظروف الحالية تقتضى منا الحذر، وعدم الاندفاع، حتى يبدأ الوباء فى الانحسار، وعلينا أيضا أن نعى أن الجلوس فى المنزل أصبح أمر ضروريا وليس ترفيها، وأن نضع تحذيرات منظمة الصحة العالمية عين الاعتبار وخاصة بعد قولها، "إن كورونا "كوفيد 19"، أكثر فتكا عشر مرات من الفيروسات السابقة، وأن وعى المواطن هو فرس الرهان فى تلك المرحلة.