الفتوى منصب عظيم الأثر، بعيد الخطر، وهى وظيفة إسلامية جليلة، وعمل دينى رفيع، ومهمة شرعية جسيمة، ينوب فيها الشخص بالتبليغ عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه، فإن المفتى كما قال الإمام الشاطبى "قائم مقام النبى صلى الله عليه وسلم، فهو خليفته ووارثه، ومع سمو الفتوى والإفتاء نجد هناك خطورة تقع تحت مسمى "خطورة فوضى الإفتاء الفضائى من غير المتخصص"، وهذا ما نسلط عليه الضوء عبر كتاب "الفتوى والإفتاء.. البناء والمنهجية"، للدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية.
كتاب الفتوى والإفتاء
فى البداية عرف الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية بالمقصود بالفتوى الفضائى قائلا: الفتاوى الصادرة من أولئك الذين تستضيفهم القنوات الفضائية فى البرامج الدينية أو غير الدينية، وصورة ذلك أن يطرح موضوع من المواضيع المتنوعة فى البرنامج، سواء فى المجال الاقتصادى أو الاجتماعى أو السياسى أو الدينى، ويقوم الضيوف من المشايخ بمناقشة هذه المواضيع بإبداء الحكم الشرعى فى الموضوع المطروح أمامهم، وهذه الصورة المذكورة ليست الوحيدة بل ثمة صور متنوعة بتنوع البرامج فى القنوات الفضائية.
وأشار مفتى الديار المصرية، إلى أن كلمة المشايخ التى ذكرت فى الصورة السابقة فيها تجوز حيث أن كلمة المشايخ هنا ليس المقصود بها المعنى الشرعى بل العرفى، حيث صار كل من تزيًا بزى المشايخ يطلق عليه هذا اللقب.
وأوضح تأتى خطورة الفوضى فى الفتاوى الفضائية من أهمية الإفتاء فى الأصل ذلك الإفتاء مسئولية عظيمة، وأمانة ثقيلة، كما أنه منصب جليل ووظيفة شريفة، وأثره فى إصلاح الأفراد والمجتمعات ظاهر، والحاجة إليه من أمس الحاجات، بل تبلغ من الضرورات، فليس كل الناس بل ولا أكثرهم يحسن النظر فى الأدلة ويعلم حكم الله فيما يعرض له من مسائل ومشكلات.
وأضاف كتاب "الفتوى والإفتاء"، أنه مع رغبة الناس فى الاستقامة والتمسك بالدين وتوفير وسائل الإعلام والاتصال وكثرة معطيات الحياة العصرية وتجددها، وتسابق أهل الأهواء وأتباع الديانات والمذاهب المنحرفة إلى نشر أفكارهم، وإقناع الناس بضلالاتهم، زادت حاجة الناس وعظمت رغبتهم فى معرفة المشروع والممنوع، والحق والباطل، والحلال والحرام، لذلك كانت برامج الإفتاء فى القنوات الفضائية هى أكثر البرامج قبولاً وأوسعها انتشارَا، ونظرًا لكثرة المفتين، وتعدد مشاربهم، كانت فوضى الإفتاء ذات خطورة كبيرة على الفرد والمجتمع.
ويقول فضيلة مفتى الديار المصرية، أن هذه الفوضى التى نتجت بعد أن شاب الإفتاء الفضائى كثير من المكدرات، والممارسات الخاطئة، بسبب تصدى بعض أهل الجهل والأهواء لهذا المنصب الخطير، مما انعكس أثره سلبا على أمتنا وديننا الإسلامى وتكمن الخطورة أيضًا أنه وسبب تعاظم فوضى الإفتاء بمختلف مسبباتها، وجدنا بعض الناس يحارب الإفتاء الفضائى، وينادون بمنع البرامج جملة وتفصيلاَ، فيعالجون الخطأ بخطأ أشنع منه، وربما تسببوا فى توهين عزائم بعض العلماء الثقات عن القيام بهذا الواجب العظيم، والتصدى لهذه المهمة الجليلة، وحرمان الناس من علمهم وتوجيهاتهم، ويجهل هؤلاء أو يتجاهلون أثر تلك البرامج فى نشر العلم الشرعى وتبصير الناس، وإصلاح المجتمع ومحاربة لفساد والمفسدين، وقطع الطريق على الأدعياء والمتعالمين.
وأكد الدكتور شوقى علام، أن الأسباب التى أدت إلى هذه الفوضى الإفتاء الفضائى تعود إلى عدة عوامل: "الجهل وعدم دراسة الأحكام الشرعية دراسة منهجية مؤصلة، ضعف الوازع الدينى حيث يكون السائق لمن يطلق الفتاوى الباطلة إرضاء الواقع الذى يعيش فيه، ظن البعض أن التساهل فى الفتوى سيؤدى إلى إظهاره بمظهر الشيخ الوسطى غير المتشدد مما يؤدى إلى تسويقه فى الفضائيات، بريق الشهرة وإتباع الهوى، عدم استشعار مسئولية الفتوى وما يترتب عليها، العجلة وعدم التأنى والنظر والتأمل، عدم وجود قانون ينظم الفتوى، الإعلام من أهم أسباب التى أدت إلى فوضى فى الإفتاء فيجب على الإعلام عدم خروج أى فتوى إلا بعد عرضها على جهة مختصة بالإفتاء".
وأشار مفتى الجمهورية إلى أن حلول ما سبق عرضه من فوضى الإفتاء يعود إلى "إعادة هيكلة فكر المسلم المتلقى عبر الفضائيات وذلك عن طريق برامج توعوية تساهم بشكل كبير فى بلورة فكر يملك استعدادات لتلقى كل شئ بشكل واع مع دقة فى معالجة كل المعلومات التى يستقبلها من البرامج الفضائية على أن يشرف على تلك البرامج أهل الاختصاص، إلزام الإعلام الرجوع إلى أهل الاختصاص ممن لهم أهلية فى إصدار الفتوى، أن يمنع إصدار أى فتوى من الفتاوى العامة والتى تتناول قضايا مهمة فى الرأى العام بشكل فردى بل تصدر مثل هذه الفتاوى بصفة جماعية مفتين معتمدون .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة