دخل كورونا إيران، فأشعل معركة بين العلم والسياسة لم تنطفئ نارها منذ شهرين وحتى اليوم، فالسياسيون المتحفزون تجاه خصومهم بالخارج، سارعوا فى تبنى نظرية المؤامرة ضد الشعب، والعلماء أخذوا مسارهم، وحاولوا الدخول فى سباق عالمى محموم، فى اكتشاف دواء يعالج وباء كورونا المستجد (كوفيد 19)، وبين هذا وذاك تواجه الحكومة الإيرانية الانتقادات فى طريقة التعامل مع الأزمة.
تمسك طهران بنظرية المؤامرة، ظهر سريعا فى تصريحات مسئوليها، وفى فبراير الماضى خرج المرشد الأعلى الإيرانى، بعد أيام قليلة من اجراء انتخابات تشريعية فى بلاده، ليشكر شعبه على "افشال مخططات الاعداء"، المتمثلة فى خلق أجواء سلبية عبر انتشار فيروس كذريعة لمنع المشاركة في الانتخابات"، قائلا "رغم الدعايات المغرضة للأعداء لثني الناس عن التصويت.. لقد شاءت إرادة الله لهذا الشعب أن ينتصر".
وذهب المرشد الأعلى الإيرانى إلى ابعد من ذلك، ففى مارس الماضى، قال فرضية جديدة، وهى أن "أمريكا أنتجت فيروسات خاصة بالجينات الإيرانية" متهما واشنطن بصناعة ونشر فيروس كورونا، فى الوقت نفسه رفض عرض أمريكي بتقديم المساعدة لمرضى بلاده، معتبرا أنه كورونا أمر عجيب في ظل النقص والمشاكل التي تعانيها هي في مواجهة هذا الفيروس. وقال أيضا أن العلاج الذى قد ترسلة الولايات المتحدة من الممكن أن يعمل على تكريس الفيروس فيها وليس علاجه".
الرئيس حسن روحانى، المحسوب على المعتدلين، والذى تغيرت لهجة خطابه مع الغرب منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى، دخل هو الأخر على خط المؤامرة، ووصف وقال فى 25 من فبراير، تنامي ظاهرة الخوف من فيروس كورونا بـ"المؤامرة الخارجية"، قائلًا: "انتشار الخوف بين أفراد المجتمع، ما هو إلا مؤامرة يحيكها أعداؤنا، يجب أن يقوم كل منا بواجباته".
وحتى المنظمات الإنسانية التي حاولت مساعدة إيران على مواجهة المرض قوبلت برفض السلطات، وأشارت تقارير إلى أن منظمة أطباء بلا حدود منعت من دخول إيران، لانشاء مستشفيات ميدانية، وقال المتحدث الرسمى كيانوش جهانبور، "أنشأت آلاف الأسرة ولسنا بحاجة لـ 40 سريرا كانت ستجلبهم المنظمة، ولكن نشكرهم"، وفريق آخر رأى أن الأطباء هم حفنة من الجواسيس، فى تبنى جديد لنظرية المؤامرة.
وبينما اليوم بلغت أعداد الضحايا 2898، وبلغ إجمالي عدد المصابين في البلاد 44 ألف 606، راح العلماء يقتحمون سياق اكتشاف دواء علاج كورونا، لكن تقول المعارضة أن الاعلان المبكر عن دواء ما هو إلا وسيلة إيرانية تحاول من خلالها تهدأة الذعر الداخلى من الوباء.
ويقول تقرير نشرته مجلة "سينسالتي تصدر عن الجمعية الأمريكية للعلوم" نقله موقع الحرة الأمريكى، إن ما يحدث في إيران معركة بين العلم ونظريات المؤامرة، وقال أيضا كافه مدني، أستاذ في جامعة ييل ومسؤول سابق في إيران، يقول إنها معركة شديدة الخطورة بين العلوم من جهة ونظريات المؤامرة من جهة أخرى.
وأشارت تصريحات بمسئولين إيرانيين مختلفة إلى انتاج دواء، ففى الـ 17 من مارس، أعلن رئيس اللجنة العلمية في الهيئة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا مصطفى قانعي، التوصل إلى تركيب دواء لعلاج التهابات الرئة لدى المصابين بفيروس كورونا بعد تعافيهم من الفيروس ويقلل من فترة بقائهم في المستشفى حتى مدة 4 أيام.
كما أعلن رئيس جامعة "بقية الله" للعلوم الطبية في إيران، علي رضا جلالي، أن أحد مراكز الأبحاث التابعة للجامعة نجح في إنتاج دواء مضاد لفيروس كورونا الجديد، مشيرا إلى أنه حصل على الإذن من إدارة الغذاء والدواء لتجربته سريريا على المرضى.
ودخلت القوات المسلحة الإيرانية على الخطط، وتوصل خبراء القوات المسلحة لجهاز تشخيص الإصابة بفيروس كورونا، وتم ازاحة الستار أمس عن الجهاز الذي تم صنعه محليا على يد علماء تابعين للقوات المسلحة، وقال العميد اميري "بلغنا بانتاج الجيل الثاني من جهاز تشخيص كورونا وبلوغ مرحلة الانتاج الواسع".
وتواجه الحكومة الإيرانية الانتقادات، بسبب عدم اتخاذ خطوة فرض حجر صحى على المدن بشكل كامل، على غرار الصين، لكنها قامت مؤخرا بفرض قيود على حركة التنقل بين المدن، اعتبرها كثيرين أنها خطوة متأخرة وغير مجدية، فى ظل عدم اتباع الإيرانيين تعليمات البقاء فى المنازل.