فى زمن الانهيارات وانتشار الأوبئة، والصراع بين الحياة والموت، لا وجود لرفاهية الجدل السفسطائى العقيم، وإنما الإعلاء من شأن الإيمان بالأفكار العظيمة، وقيمة العمل والاجتهاد ومواصلة الليل والنهار دون كلل أو ملل!!
ونعيش حاليًا زمن انتشار وباء الكورونا، الذى أشاع الرعب فى قلوب شعوب العالم، واستطاع أن يصيب الحياة بشلل كامل، وأجبر الجميع على الجلوس فى المنازل، وبالطبع توقفت الدراسة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها، وهنا بحث الجميع عن الحل، فكان "التابلت" بطل الحكاية، ومنقذ أرواح الأطفال، والعملية التعليمية برمتها.
وجميعنا نتذكر عندما قرر الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، أن يخلع معطفه، وينزل بأقدامه فى مستنقع الأوبئة، لانتشال العملية التعليمية بشكل علمى ممنهج، وبعد دراسة شاملة لكل النظم التعليمية العالمية المتطورة، والتوصل إلى «سر خلطة» فريدة تجمع بين التجارب المتقدمة، مع إضفاء العناصر المصرية، إيمانًا بأن لكل مجتمع خصوصياته، حينها واجه الرجل، مجموعة المصالح التى تستثمر فى جمع المال على حساب تشويه وتدمير عقول أطفال وشباب مصر!!
نعم، هناك أسوأ استثمار لأخطر العصابات والمافيا تفوق تجارة المخدرات والأعضاء البشرية والتجارة فى الأدوية المغشوشة، متمثلة فى مافيا الدروس الخصوصية، وطبع الكتب الخارجية، التى تتكسب وتحقق مكاسب مالية ضخمة من انتهاك عقول أطفال وشباب مصر، وأن هذه المافيا تصطدم اصطدامًا مروعًا مع كل مشروع تطوير، ومحاولة إنقاذ لمنظومة التعليم، ويا للعجب، فإن أولياء الأمور، المتباكين على انهيار العملية التعليمية، يساعدون بشكل جوهرى فى استفحال مافيا تدمير عقول أبنائهم، بتصديق الشائعات والترويج لها عن عدم جدوى التطوير!!
الجميع يشتكى من حشو المناهج، والحفظ والتلقين، والشنطة الممتلئة بأنواع الكتب المدرسية والخارجية والمسميات الغريبة من الكشاكيل، ثم المعاناة من مافيا الدروس الخصوصية، وأصحاب الضمائر الخربة من المعلمين الذين يبتزون الطلاب وأولياء أمورهم بالتحكم فى الدرجات الممنوحة لأبنائهم، وعندما هرعت الدولة، متمثلة فى وزارة التربية والتعليم، لمواجهة هذا العبث، والانتهاك الصارخ لعقول أطفال وشباب مصر، وتستحدث منظومة تعليمية يقف أمامها العقل بكثير من الإعجاب والانبهار، وجدنا أولياء الأمور ساخطين وغاضبين ويصدقون الذين يشتكون منهم مر الشكوى!!
والسؤال: كيف لمواطن مصرى يشتكى مر الشكوى من مافيا تنفيض جيوبه وتشويه عقول أبنائه، وفاقدى الضمير بعدم الشرح فى «المدارس»، ليعطوا دروسًا خصوصية بمقابل ضخم فى «المنازل»، ويساعد على الغش وقتل الضمير والقيم الأخلاقية، أن يصدق ما كان تروج له مافيا الدروس الخصوصية، عن فشل نظام التعليم الجديد؟! وهل من المنطق أن يبدى أصحاب الضمائر الخربة رأيًا صائبًا ومنزهًا عن الهوى فى مشروع يتقاطع مع مصالحهم الشخصية ويغلق حنفية الابتزاز والتشويه والتدمير؟!
نظام التعليم الجديد مبهر، وبدأ فعليًا فى القضاء على كل الأورام الخبيثة والمزمنة من جسد العملية التعليمية، وسيعيد مصر على طريق الريادة التعليمية والتنويرية التى فقدتها فى الثلاثين عامًا الأخيرة، ويعتمد على تشكيل عقول مفكرة، ومبتكرة، ومستنيرة، وقادرة على الدفع بقمم فى كل التخصصات، فستجد طبيبًا ناجعًا، ومهندسًا مبتكرًا، ومحاميًا يمتلك أدواته، وإعلاميًا مثقفًا، وأستاذًا جامعيًا مؤهلًا، وإداريًا كفئًا، وفنيًا مدربًا.
وفى ظل أزمة وباء كورونا، أثبتت الدولة بُعد نظرها، وأن مشروع تطوير التعليم، أثبت نجاعته، ومن ثم فإن على كل من عارض هذا المشروع، من أولياء الأمور، تقديم اعتذار واضح وجلى لوزير التربية والتعليم، الذى تحمل من النقد والهجوم، ما لم يتحمله وزير أو مسؤول آخر، وفى المقابل، يجب أن يصبوا لعناتهم على مافيا الدروس الخصوصية، الذين تبنوا حملات ممنهجة من التشكيك فى مشروع التطوير، للحفاظ على مكتسباتهم، فقط.
تحية واجبة لمسؤولين آمنوا بالأفكار العظيمة، وترفعوا عن الجدل السفسطائى، والتفاهات والترهات، والغرق فى سفاسف الأمور، وانطلقوا نحو بناء الإنسان المصرى، من خلال مشروع تطوير حقيقى سيعيد لمصر دورها التنويرى والتوعوى فى نثر العلم، للعالم، ودفع الوطن للازدهار الاقتصادى والسياسى!!