تنوعت مقالات الكُتاب في الصحف الخليجية اليوم الجمعة، حيث ناقش بعضهم الانقلابات التي تشهدها الأسعار في سوق النفط، بينما ناقش آخرون الجوانب الإيجابية في فيروس كورونا الوبائى المنتشر فيما يزيد عن 200 دول بالعالم، مؤكدين أن البشرية ستنتصر عاجلا أم أجلا عن فيروس كورونا.
هل انهارت أسعار النفط
سلمان الدوسري
وفى صحيفة الشرق الأوسط، كتب سلمان الدوسرى عن النفط، قائلا :"كُتب على جيلنا أن يشهد أحداثاً تاريخية لم يتوقعها بشر، فلم يفق العالم بعد من أزمة «كورونا» في انتشارها وآثارها وسلوكيات الناس التي تغيرت بالكامل بسببها، حتى عاجلهم النفط بأسعار تاريخية، فات الأجيال الماضية حضور إثارتها، بعد أن هوت الأسعار لتهبط دون حاجز الصفر، فلأول مرة في التاريخ يشهد النفط حلقة ما يسمى بالأسعار السلبية، إثر تسجيل سعر بعض العقود 37- دولاراً، حتى أصبحت السفن البحرية تجوب المحيطات ملأى ببراميل النفط ولم تتحرك منذ أيام.
اليوم فقط تذكَّر العالم أن الفوضى التي تعصف بأسواق النفط العالمية، سببها - أولاً وقبل كل شيء - تراجع الطلب على النفط الخام عالمياً، بعد أن شُلَّت حركة إنتاج السلع والخدمات والصناعات في جميع أنحاء العالم، وكذلك تدابير العزل، كل هذا أدى لانخفاض الطلب بنسبة 30 في المائة في غضون أسابيع قليلة، فمئات الملايين من البشر لا يذهبون لأعمالهم، وعشرات الآلاف من المصانع توقفت عن الإنتاج، والناس أصبحت لا تنتقل بالسيارات إلا نادراً، والسفر بالطائرة في حده الأدنى، والقطارات شبه متوقفة، فهل بعد هذا كله فعلاً انهارت أسعار النفط، وأصبح الذهب الأسود شيئاً من الماضي؟!
لا يحتاج المراقب لعصا سحرية لكي يعرِّف ما يحدث في أسواق النفط العالمية بالفوضى النابعة من أزمة «كورونا»، لا انهياراً لأسعار سلعة لا يمكن للعالم أن يحيا من دونها. وليس من التنجيم القول إن انخفاض أسعار النفط سيكون لفترة قصيرة، مرتبطة بالسيطرة على فيروس «كورونا». صحيح أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بموعد السيطرة المنتظر، وصحيح أيضاً أن التشغيل التدريجي للاقتصاد العالمي سيساهم في استمرار وفرة المعروض وتراجع الطلب، إلا أن كل ذلك مسألة وقت وإنْ طال الزمان.
بقي أن نشير إلى أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم: هل ستتضرر بشدة كما يقال وأسعار البترول تتدحرج بهذه الطريقة؟ الحقيقة أن السعودية ستعاني بالطبع كما تعاني بقية الدول المصدرة؛ لكن علينا عدم إغفال الاحتياطيات الكبيرة للعملة الأجنبية التي تملكها المملكة، إضافة إلى النسبة المنخفضة للدَّيْن العام إلى الناتج الإجمالي (25 في المائة)، كما أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يستغل الأزمة الحالية أفضل استغلال، مع اقتناص الصندوق لفرص استثمارية بأسعار زهيدة، في خضم موجة من تراجع أسعار الأصول حول العالم. كل هذا يجعل السعودية تقف على أرضٍ صلبة في صمودها أمام تدهور الأسعار وتراجعها إلى مستويات قياسية، وهي وإن كانت تتحمل أسعار نفط حتى وإن راوحت العشرين دولاراً لسنوات؛ فلنتذكر أن مع هذا السعر لن يكون هناك أدنى أمل في تلبية الطلب العالمي للنفط في المستقبل القريب.
هناك حقائق ثابتة لا يمكن أن تلغيها فجأة توترات تعصف بالاقتصاد العالمي، وليس فقط بالسوق النفطية.
في النهاية: من يتوقع استمرار صدمة انهيار الأسعار إلى ما لا نهاية، يتغافل أنه متى ما طال الوضع الحالي فسيواجه العالم صدمة نفطية أخرى، ولكن في الاتجاه المعاكس تماماً، عندما ترتفع الأسعار إلى حدود غير متوقعة خلال سنوات قليلة، وهو أمر لا يتحمله العالم، كما لا يتحمل أن تبقى الأسعار في وضعها الحالي.
لن يهزمنا الوباء
على ابو الريش
أما في صحيفة الاتحاد الإماراتية، كتب علي أبو الريش عن كورونا، قائلا :"لن يهزمنا الوباء، لأن بيننا رجالاً أوفياء، ولأننا نعيش في وطن النجباء، ولأن ثقافتنا قامت منذ البدء على أسس الانتماء إلى التفاؤل، ولأن إرثنا الاجتماعي مبني على حب الحياة، وعدم التقاعس، أو قبول الأمر الواقع.
صحيح أن وباء كورونا أعجز الكثيرين وآلم الكثيرين، لكننا نحن لسنا من يتوقف عند الجرح ويصرخ «آه»، بل نحن الذين جئنا من زمن كان أقسى، وكان أشد ضراوة، وامتلأت صحراؤنا بمباغتات الأمراض المهلكة، ولكن بقي الإنسان، وذهبت الضواري، والأوبئة إلى زوال.
هكذا علمتنا الطبيعة الصحراوية، وهكذا تعلمنا كيف نصمد، وكيف نضمد الجرح بالفرح، لأننا نؤمن بأن السيئ مؤقت، والحسن هو الديمومة، وتعلمنا أنه عندما تصبح النفوس مثل الأنهار، فإنها تتلقف الأوراق الصفراء، وتأخذها بعيداً لتبقى الأنهار، وتختفي الأوراق التالفة.
عندما تصبح القلوب غابة من غاف الصحراء، فإنها لا ترهقها ريح، ولا يكسرها لظى، إنها تبقى صامدة، وتأخذ من الريح رفرفة أوراقه، ومن اللظى شموخ جذوره.
لن يهزمنا الوباء، وسنكون أقوياء، كلما اشتدت مهاميزه ازددنا رونقاً وإباءً وأنفة وكبرياء.
لن يهزمنا الوباء، وفي مقدمة صفوفنا نسور السماء، تخفق بأجنحة الود، وترسم صورة لإنسان ما خاب سعيه، طالما آمن بأن الحياة هي أن تكون أنت هو، وهو أنت، تكونان في الوجود واحداً، وهكذا يفعل الرجال الأفذاذ من أبناء هذا الوطن، وكل في موقعه، يقدم الروح رخيصة في سبيل حماية الناس ورعايتهم، والعناية بصحتهم، هكذا يبدو رجالنا أبناء هذا الوطن، عيال زايد، ونفحة روحه الطاهرة، هكذا يفعل أولئك الذين يخوضون معارك التحرير من المرض اللئيم، ويبعثون برسائل الحب إلى كل الناس من مواطن ومقيم على حد سواء، لأنهم ينتمون إلى شجرة الوطن، الذي علمهم كيف يضعون الأرواح رخيصة، لكي ينهض الوطن، ويرفل أهله بالعافية، وصحة الأبدان، والوجدان.
لن يهزمنا المرض، ونحن نتنفس على أرض الخير أرض المكانة، والأمانة، والرزانة، والصيانة، أرض نسجت حرير ترابها من عرق الأوفياء وخاطت قماشة بحرها من كد النبلاء، وصفت عناقيد نخلها بأنامل النجباء، ورصعت قصائد حلمها من وجدان الناس الأصلاء.
لن يهزمنا الوباء، لأننا ننتمي إلى أولئك الذين رفعوا النشيد عالياً، يوم اشتد وجيب الموجة، وغاصت السفائن في لجج النوائب، أولئك هم الذين أنجبوا كتائب الأحلام الواسعة، ومنحوا الحياة زهرة الياسمين، وعبق الرمان وشهد الرطب الخصيب، أولئك هم الجبلة والجلجلة، وهم أس المرحلة، وهم الجذر، والسبر، والنحر، والصدر، وهم بخورنا، وعطرنا، وهم جوهرنا المكنون، في قلوب هذه الكوكبة من رجال وطننا المخلصين.
ما يستفاد من كرونا
حسين على حسين
بينما سلط حسين علي حسين في صحيفة الرياض السعودية الضوء على الجانب الحسن لفيروس كورونا، قائلا :"كل البوادر التي أمامنا، والتي كوناها من خلال وسائل الإعلام، تقول لنا صراحة، أو مداورة؛ أن وباء كورنا سيكون في مقبل الأيام وشهورها، مثل الضيف الثقيل؛ إذا طردته من الباب، سوف يدخل عليك من الشباك، وإذا طردته من الشباك سوف يتسلل إليك أو إلى منزلك في إطار مائي أو هوائي؛ وربما تسلل إليك في أهاب أحد ممن يغشون منزلك بهدوء واطمئنان وسكينة، دون أن يكون عنده أو عندك من الشيطان علم!
لذلك فإن المعركة لن تكون سهلة. هذا ما لمسناه وعرفناه؛ معركة علينا خوضها، بهدوء، وسكينة، وحزم، وشراسة، حتى النهاية؛ أو حتى يكون خلاصنا من هذا الضيف الثقيل الذي دخل إلى الأجواء كلها ومن كافة الاتجاهات دون دعوة ودون أن يكون أحد، دولاً أو أفراداً، قد أعد له العدة من الأسلحة الباترة التي تقطع أثره!
ولأن أرباب المنازل غالباً، يمتلكون حلولاً لحماية أنفسهم ومنازلهم من ضيف ثقيل، فإن كورونا هي الأولى الآن، خاصة وأنها قد استولت عنوة على مكان الضيف البشري الثقيل. ومع ذلك فإننا بقدر معاناتنا من هذه الجائحة، سوف نجد أنها أدخلت إلينا أو إلى منازلنا بعض الفوائد، التي نرجو استمرارها بعد رحيل هذه الآفة. ومن هذه الفوائد: ملاحظة نقاء السماء من التلوث، أو انحساره بنسبة كبيرة، قياساً على التلوث الذي غزا عديداً من المدن حول العالم، خصوصاً المدن والمناطق الصناعية.. أصبحنا مع منع التجوال أو الحد منه، نأكل كثيراً ونشرب كثيراً، دون أن نلاحظ زيادة في أوزاننا ربما نتيجة لبعد أغلب الناس، من الإقبال على مطاعم الوجبات السريعة، وبالذات التي حولها أو عليها، ألف علامة استفهام، وبالذات فيما يتعلق بلجوئها للزيوت واللحوم الرخيصة.. الجلوس أكثر في المنزل وسط الأبناء. هذا الجلوس فيه إلى جانب الحميمية، قرب من الزوجة والأبناء، لظروف الانقطاع عن الأعمال والاستراحات والمقاهي.. الإحساس بلون من ألوان الراحة البدنية والنفسية، لتقلص الضغوط الاجتماعية والوظيفية.. تعلم بعض الرجال والنساء لحرف أو عادات كانت قصراً على جنس دون جنس، مثل الصيانة، والألعاب، والطبخ، والتنظيف، هذه الجائحة فتحت شهيتي للقراءة والكتابة، خاصة بعد إغلاق المقاهي ومنع التجول، وهما خصلتان لم أستطع التخلص منهما.. زادت شفافية الناس، وزادت مع هذه الشفافية قدرتهم على التواصل الاجتماعي، مع الأهل والأصدقاء؛ بل إن بعض الناس، أصبحوا يبحثون في دفاترهم القديمة عمن انقطعوا عنهم من الأصدقاء والمعارف وأهل الفضل.. هدوء الشوارع وتقلص حوادث السيارات والمشاحنات التي تتبعها.. ملاحظة زيادة الاهتمام، ربما أكثر من السابق، في متابعة أوضاع مخالفي الإقامة، الذين يمارسون بطالة مقنعة، والالتفات أكثر لأصحاب الأعمال الذين لا يرحمون آدمية عمالهم، فيحشرونهم كل عشرة أشخاص في غرفة تفتقد لأبسط متطلباتهم الإنسانية، وأبرزها دورات المياه والتهوية وأماكن الطهي.. انخفاض أسعار البنزين، وتدهور أسعار الطاقة على مستوى العالم، وهو وضع نادر الحدوث، ولا أدري في هكذا حالة، أضحك أم أحزن؟