كان افتتاح مشروعات فى سيناء والإعلان عن نفق الشهيد أحمد حمدى 2، لينضم إلى أنفاق مدن القناة، إشارة إلى بدء عملية تعمير وتنمية غير مسبوقة فى سيناء، وفتح الباب لإقامة مجتمعات كاملة يمكن أن تضاعف السكان عشرات ومئات المرات خلال السنوات القادمة، وبالرغم من أزمة فيروس كورونا التى تضرب العالم، وتسقط أنظمة صحية فى الدول الكبرى، فقد كان العمل فى المشروعات الكبرى مستمرا، من خلال عمليات تعديات وبناء لمحاور وطرق المرور، بشكل يعالج عيوبا وتراكمات سنين.
بشارة أخرى أن تنفيذ أنفاق القناة بأيدٍ مصرية بما يعنى إمكانية التوسع فى الانفاق فى مناطق يصعب أحيانا أن تقوم فيها كبارى، مع ملاحظة أن شركات مصرية عامة وخاصة تنفذ المشروعات الكبرى بإشراف الهيئة الهندسية.
وربما كانت النقطة اللافتة فيما يتعلق بإقامة البنية الأساسية من طرق وخدمات وهى أمور لا يمكن للقطاع الخاص القيام بها على أى مستوى، لأنها أموال ملقاة فى الأرض ولا تحقق ربحا، ولا تعود بفائدة، لكن الرئيس طلب من القطاع الخاص الدخول فى استثمارات واستغلال الفرص المتاحة للعمل فى مجتمعات جاهزة زراعياً وصناعياً.
لقد حصل رجال أعمال على ملايين الأمتار من الأراضى فى المدن الجديدة والقناة ومشروعات شرق التفريعة وغيرها، حصلوا عليها بالمجان أو بأسعار منخفضة، مع التزام الدولة بالمرافق، والهدف كان تحفيز الاستثمار وتشجيع البناء، وما فعله أغلب رجال الأعمال أنهم «سقعوا الأرض» وباعوها بمليارات، أو إقامة مشروعات عقارية فاخرة كسب منها مليارات، بينما دفع الشعب ثمن المرافق التى حرم منها، وانتهى الأمر بحرمان أغلبية المصريين من المساكن واتساع العشوائيات، مقابل مجتمعات فاخرة لصالح قلة من المنتفعين.
والشاهد أن عملية منح الأراضى بلا ضابط وبالمجان انتهى، ويبقى أهمية التفكير فى توسيع الإسكان المتوسط لأغلبية الشعب، بجانب الإسكان الاجتماعى للفئات الأكثر احتياجا، فضلا عن مجتمعات محترمة تنقل إليها العشوائيات، ومع إقامة إسكان معقول وليس مليونيا، يمكن أن تكون العقارات بهدف السكن وليس الاتجار، وربما تكون خطوة إقامة مجتمعات كاملة هى فكرة تقوم على العمران، وليس الاتجار العقارى السفيه.
من هنا يمكن تفهم دعوة الرئيس السيسى لرجال الأعمال بأن يتحركوا للاستثمار فى سيناء، مع وجود أراض زراعية جاهزة، وأراض صناعية، بشرط أن يكون الهدف هو العمل وليس التسقيع والاتجار الذى صنع كثيرا من المليارديرات لم يقوموا بأنشطة حقيقية غير الاحتفاظ بالأرض، بل أن مليارديرات التسقيع، حققوا ثروات أضعاف ما حققه المستثمرون فى الصناعة أو التجارة، ويمكن تصور لو كان أباطرة التسقيع سددوا للدولة ثمنا عادلا، لتتوجه الأموال إلى تحسين التعليم والصحة، وهو حل كان كفيلا بتغيير وجه مصر بعيدا عن الفرص الضائعة خلال عقود.
أنفاق سيناء أكبر من مجرد أنفاق للانتقال، لكنها خطوة لتوسيع جغرافى واضافة مساحة الى الوادى والدلتا، وكلاهما ضاق بالبشر، وإذا كان المصريون يسافرون إلى دول الخليج ويقبلون شروط عمل غير مناسبة، ربما يكون الأفضل هو الاتجاه إلى هذه المجتمعات الجديدة، والبدء فى إقامة مجتمعات تتوفر لها شروط البقاء، حيث تحرص الدولة على بناء المدارس والمستشفيات والخدمات مع عملية التخطيط وليس مثلما كان فى السابق.
وللحق فإن متابعة خطط الدولة تكشف عن تخطيط يتجاوز الحاضر للمستقبل الأبعد، مع وضع تصورات كاملة تتيح فرصا للتنمية المفقودة على مدى عقود.