في القلب تبقي سيناء دائما ، تحتل مكانة خاصة لدي أبناء مصر ، ففي كل ذرة من ترابها قطرة دم تخص كل مصري ، وإلي حدودها وجبالها يتطلع المصريون صبيحة كل يوم للاطمئنان عليها ، فالكل يدرك أن " أرض الفيروز " ستظل مطمعا لكارهي مصر ، وأن استهدافها عقيدة لدي عدو ، وثمرة يتطلع لقطفها عدو آخر ، وكلاهما اجتمعا علي التخطيط للنيل منها ، وفي وجه كل منهما تقف الدولة المصرية بكل ثبات ويقظة دفاعا عن "قطعة من القلب " .
معركة التحرير انتهت رسميا بتسلم آخر أرض محتلة من شبه الجزيرة ، لكن معركة التطهير تواصلت منذ ذلك الوقت و لا تزال مستمرة ، ويكتب أبناء مصر بدمائهم فصولا جديدة يوما بعد الآخر في سجلاتها ، حيث يتصدي جيش مصر وشرطتها لجماعات الظلام والتطرف والإرهاب التي حاولت أن تفرض سيطرتها علي أرض سيناء ، فواجهت حربا ضروسا من المصريين في كل شبر من تلك الأرض التي سعي الإرهابيون لأن تكون مكامن لهم ، وربما بيوتا وقصورا بعد ذلك ، فوجدوها وقد تحولت إلي قبور لهم .
العدو في معركة التحرير كان معروفا ، ولقنه جيش مصر الدرس القاسي في ملحمة العبور عام 1973 ، وتواصلت فصول معركة التحرير بعد ذلك في غرف الدبلوماسية والسياسة حتي حصلت مصر علي كامل أراضيها المحتلة ، أما العدو في معركة "التطهير " ، فيزعم أنه يحمل لواء الدفاع عن العقيدة ، وتتعدد جماعاته وراياته ، لكنها تجتمع علي هدف النيل من أرض الفيروز ومن مؤسسات الدولة المصرية وشعبها ، وهو يستبيح دماء المصريين ويظن أنه يستطيع استباحة أراضيهم ، لكن رجال الجيش المصري والشرطة تمكنوا من إجهاض مخططاته ، ودك أوكاره وخنادقه ، ومطاردة ذيوله .
في معركة التطهير قدم رجال الجيش والشرطة مئات من الشهداء خلدوا أسماءهم بحروف من نور في سجلات الشرف والفخار ، إلي جانب مئات من المصابين احتفظوا علي أجسادهم بشواهد مشاركتهم في معارك التطهير ، في قائمة طويلة كان من بين أبرز ما ضمته اسم الشهيد العقيد أحمد منسى، قائد الكتيبة 103 صاعقة الذى استشهد فى يوليو 2017، وقبله قائده السابق العقيد رامى حسنين، والذى استشهد قبله بعام أيضا على أرض سيناء، فضلا عن الشهداء من أبناء سيناء ، وبينهم 305 كانوا يؤدون صلاة الجمعة يوم 24 نوفمبر 2017 في مسجد الروضة بالعريش ، وفاضت أرواحهم برصاص الإرهابيين الذين استهدفوا المسجد دون مراعاة لحرمة مكان أو دم .
أبرز فصول معركة التطهير كان موعدها الجمعة 9 فبراير 2018 مع إعلان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة البيان الأول لعملية " سيناء 2018 " والتي جاءت في إطار " التكليف الصادر من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة للقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية للمجابهة الشاملة للإرهاب والعمليات الإجرامية الأخرى بالتعاون الوثيق مع كافة مؤسسات الدولة، بدأت صباح اليوم قوات إنفاذ القانون تنفيذ خطة المجابهة الشاملة للعناصر والتنظيمات الإرهابية والإجرامية بشمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل إلى جانب تنفيذ مهام ومناورات تدريبية وعملياتية أخرى علي كافة الاتجاهات الاستراتيجية، بهدف إحكام السيطرة علي المنافذ الخارجية للدولة المصرية، وضمان تحقيق الأهداف المخططة لتطهير المناطق التى يتواجد بها بؤر إرهابية وتحصين المجتمع المصري من شرور الإرهاب، والتطرف بالتوازى مع مجابهة الجرائم الأخرى ذات التأثير على الأمن والاستقرار الداخلى. ولذا تهيب القيادة العامة للقوات المسلحة أبناء شعب مصر العظيم في كافة أنحاء الجمهورية بالتعاون الوثيق مع قوات إنفاذ القانون لمجابهة الارهاب واقتلاع جذوره والإبلاغ الفورى عن أى عناصر تهدد أمن واستقرار الوطن " .
وفي إطار تلك العملية الشاملة تواصلت الجهود لتطهير مصر من جماعات الإرهاب وذيولهم ، فضلا عن مطاردة الخارجين عن القانون ، ليكون التطهير شاملا ، سعيا وتمهيدا لانطلاق عملية تنمية شاملة في أرض الفيروز .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة