تحمل الحضارة المصرية القديمة الكثير من الأسرار، وهذا ما جعل العلماء حول العالم يعتبرون تاريخ المصرى القديم مادة خصبة لإجراء الأبحاث، التى تخرج نتائجها بسر من هذه الأسرار، كما أن التاريخ المصرى جعل بعض الدول تزييف الحقائق والزعم باكتشاف ما يجعل لها تاريخ، فمؤخرًا زعم باحثين فى تركيا أنها صادفت أول مخطوطات موثوقة اكتشفت حتى الآن عن "الموت بسبب نيزك"، يعود تاريخه إلى 22 أغسطس 1888، ويستشهدون بالعديد من الوثائق الرسمية التي استردت من المديرية العامة لأرشيف الدولة، وهذا ما يجعلنا نتذكر خنجر الملك توت عنخ آمون، الذى أجريت عليه دراسات أكدت أنه مصنوع من مادة النيزك، والدراسات تمت على الخنجربشكل مباشر وليس عبر مخطوطة.
وخنجر الملك الفرعونى توت عنخ آمون تم اكتشافه مع مومياء الملك توت عنخ آمون، وهو أحد أبرز الكنوز المهمة، وتمت إعادة تحليل الخنجر لإثبات أن توت عنخ آمون محارب.
والخنجر مصنوع من الحديد، وفى عصر توت كان الحديد أندر من الذهب، فمن أين أتى الحديد؟ وقد حير هذا اللغز العلماء والخبراء، وبعد إجراء التحليل العلمى، تبينت نسب العناصر المصنوعة منها الخنجر، وتم اكتشاف أن نسبة النيكل مرتفعة بشكل غير طبيعى، ولم يتم العثور ضمن عناصر الأرض على ما يطابق الموجود على الخنجر، وبالتالى تم إثبات أن حديد الخنجر جاء من "الفضاء".
خنجر توت
أجريت بعض الأبحاث على خنجر توت عنخ آمون، والذى كان ضمن مقتنياته عند اكتشاف مقبرته، وقد نشرت ديلى ميل نتائج هذه الأبحاث التى أكدت أن نصل الحديد مصنوع من النيزك، وأشار الباحثون فى جامعة البوليتكنيك فى ميلانو بإيطاليا، استخدموا تكنولوجيا المسح الضوئى بـ الأشعة السينية لفحص تكوينات هذه المعادن الغريبة.
وفى الدراسة التى نشرت عام 2016، أنه يوجد بالخنجر بعض من المستويات العالية من النيكل والكوبالت والفوسفور، وأكد الباحثون فى علوم الكواكب من كلية الفنون التطبيقية من ميلان، بعد إجراء العديد من الأبحاث على الخنجر "أن المصريين القدماء استخدموا بشكل كبير الحديد النيزكى لإنتاج الأشياء الثمينة فقط، بالإضافة لجودة تصنيع خنجر توت عنخ آمون، بالمقارنة ببعض الأعمال الفنية الحديد النيزكية.
وفى 2017م قدمت فرنسا بحثا حول أدوات المصرى القديم المصنوعة من الحديد النادر، ومن ضمنها خنجر الملك توت عنخ آمون، والتى أكدت أنه تم صنع الخنجر من حديد النيزك، حيث يحتوى على ما يقرب من 11% من النيكل وآثار الكوبالت: وهى سمة الحديد المتواجد خارج الأرض، ونتيجة لهذا احتوت القطع الأثرية على مستويات عالية من النيكل أو الكوبالت.
وفى دراسة أخرى أجريت من قبل باحثون مصريون وإيطاليون باستخدام الفحص بالأشعة لتأكيد تركيب الحديد المستخدم في صناعة الخنجر دون الإضرار به، حسبما جاء في دراسة نشرت دورية علوم النيازك والكواكب.
وقالت دانيلا كوميلي الباحثة الرئيسية التي أشرفت على البحث "الحديد النيزكي واضح بسبب التركيز العالي للنيكل"، وأن وجود الحديد، إلى جانب معدلات من النيكل والكوبلت، "تشير بقوة إلى مصدر غير أرضي".
وقارن الباحثون الخنجر مع نيازك معروفة في محيط ألفي كيلومتر حول ساحل مصر على البحر الأحمر، وخلصوا إلى أن أحدها خاصة، وكان على بعد 150 كيلومترا غرب الاسكندرية، يحتوي على نسب مشابهة من النيكل والكوبالت.
وقال باحثون إن المصريين القدماء اهتموا بشكل كبير بالحديد النيزكي لإنتاج مشغولات معدنية تستخدم في الزينة أو الشعائر، وخلص الباحثون إلى أن المصريين القدماء "كانوا على دراية بأن كتلا نادرة من الحديد سقطت من السماء قرب القرن 13 قبل الميلاد، سابقين الحضارة الغربية بنحو ألفي عام".
وفى عام 2016، قال الدكتور عبد الرازق النجار، المنسق المصرى ورئيس المشروع المصرى بالتعاون مع الجانب الإيطالى، الأمين العام للجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولى للمتاحف، ودرس بجامعة الفيوم، إنه تم تحديد وتوثيق الأصل الحديدى النيزكى لنصل أحد خنجرى الملك توت عنخ آمون (القرن 14 قبل الميلاد) من قبل فريق البحث الدولى المشترك من قسم الفيزياء بجامعة بولى تكنيكو دى ميلانو الإيطالية وكلية الآثار (جامعة الفيوم - مصر) وجامعة بيزا الإيطالية والمتحف المصرى بالتحرير والمركز الوطنى للبحوث بايطاليا وشركة (إكس جى لاب) الإيطالية، تم تمويله من قِبل وزارة الشؤون الخارجية الإيطالية والتعاون الدولى ووزارة البحث العلمى المصرية فى مشروع بحثى بين كلية الآثار جامعة الفيوم وقسم الفيزياء "جامعة بولى تكنيكو دى ميلانو الإيطالية".
وأوضح عبد الرازق النجار، أن هذا الكشف العلمى يحل النقاش المحتدم منذ فترة طويلة بين العلماء منذ اكتشاف مقبرة الملك فى عام 1925 من قبل عالم الآثار هوارد كارتر، وكما ورد فى البحث الذى تم نشره هذا الأسبوع فى الدورية العالمية المختصة بعلوم الكواكب والنيازك.
وأضاف "عبد الرازق"، إن التحليلات الجيوكيميائية التى أجريت فى ديسمبر 2014 لنصل خنجر الملك توت عنخ آمون (والمحفوظ بالمتحف المصرى بالتحرير) من خلال استخدام الجهاز المحمول غير المتلامس مع الأثر للتحليل الطيفى بالأشعة السينية يكشف أن نصل الخنجر يحتوى على عنصر النيكل بنسبة 10% والكوبالت بنسبة 0.6٪، وهى التركيزات القياسية فى الحديد النيزكى، وتؤكد هذه الدراسة أن المصريين القدماء قاموا باستخدام الحديد النيزكى لتصنيع أعمال فنية معدنية ثمينة وبجودة عالية فى عصر الملك توت عنخ آمون الذى عاش فى العصر البرونزى قبل اكتشاف الحديد فى مصر.
وقال الدكتور عبد الرازق النجار، فى تصريحات سابقة لـ"اليوم السابع"، إنه تمت مقارنة التركيب العنصرى لنصل الخنجر مع عينات قياسية لحديد النيزكى، تصل لـ20 عينة، والتركيب ظهر متطابق لأحد النيازك التى سقطت بالقرب من مدينة مطروح منذ آلاف السنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة