إذا كان هناك من فوائد لفيروس كورونا أنه كشف عن حجم التناقض والتضارب فى الأخبار والمعلومات، وبقدر ما أصبحت أدوات التواصل الاجتماعى جزءا من الإعلام لا يمكن تجاهله هى أيضا تزدحم بالكثير من المبالغات والشائعات والمعلومات المفبركة، لدرجة أن هناك تقارير منسوبة لعلماء وخبراء يتضح أنها مجرد كلام فارغ، وهناك مراكز دراسات وأبحاث تفبرك المعلومات، وهناك من يتعامل بجدية مع إحصائيات وأرقام مجرد أشكال من الهجص بمسحات علمية وعناوين مزيفة لا تمت الى العلم أو الطب بصلة.
ومن لا يصدق ما عليه إلا أن يتابع يوميا مئات الأخبار والتقارير بعضها يحمل اسم علماء كبار أو أطباء يصعب الوثوق فيما تتضمنه من معلومات، لكونها تزدحم بكل هذا التناقض والاختلاف.. هناك تقارير راجت منسوبة لجهات علمية أن فيروس كورونا يتحمل درجات الحرارة تصل إلى 90 درجة مئوية، بينما الرأى السابق كان أن 25 درجة تضعف الفيروس و40 درجة تقضى عليه، واللافت أن نظرية تحمل درجة الحرارة عند تتبعها تجد أنها تحمل أسماء خبراء وعلماء لكنه بلا مصدر، وبعد أسابيع من الهجوم الأمريكى على الصين واتهامها بأنها وراء انتشار كورونا أعلنت جهات طبية وعلمية أمريكية أن الفيروس الأول جاء للولايات المتحدة من أوروبا وتحديدا من إيطاليا، على العكس مما شاع أنه من الصين.
نفس الأمر فيما يتعلق بالعدوى من خلال التلامس والأسطح الصلبة بينما انتشر خلال الأسبوع الماضى بوستات تعلن أن كورونا ينتقل بالتنفس والعطس مما يجعله أشد خطرا مما كان التصور، وحتى فيما يتعلق بمواجهة الفيروس ظهرت إحصائيات مجهولة عن أكثر الدول قدرة على مواجهة الفيروس وانتشر التقرير المنسوب لجهة إحصائية مجهولة يصعب تتبعها أو التعرف على ملامح هذه الإحصائيات التى يبدو أنها تعمل وتصدر معلومات لصالح من يدفع ونرى لدينا هواة إحصائيات الرش المضروبة يعيدون نشرها وتوزيعها لمجرد أنها تحمل عنوانا أجنبيا أو مترجما. وفى قضية علاج الفيروس هناك عشرات التقارير والنظريات منها استعمال أدوية الملاريا أو دماء المتعافين أو علاج الإيدز ونظريات أخرى تحذر من هذا أو ذاك من العلاجات.
الشاهد هنا أن الفيروس والانعزال ضاعفا من وجود الناس فى العالم على فيس بوك وتويتر وإنستجرام ومتابعة فيديوهات على يوتيوب، وبجانب كل معلومة صحيحة هناك عشرات التقارير والإحصائيات المضروبة والمفبركة، سواء من مراكز مجهولة تفبرك أرقاما وإحصائيات أو من قنوات مثل الجزيرة وتوابعها التى تضرب أرقاما وتقارير كثيرة خاصة عن مصر والسعودية كلها كذب وفبركة. بل وحتى فضائيات كبرى مثل سى إن إن كثيرا ما تتورط فى نشر تقارير ومعلومات غير صحيحة وخير مثل أخبار حول كوريا الشمالية بعضها منقول من مواقع فكاهية او مجرد تكهنات وبوستات بلا أصل إخبارى ولا معلومة، وحتى الآن تنشر أخبارا وتقارير تخلو من المصادر أو التوثيق، وأغلبها منسوب لمصادر مجهلة زو غير موثوق فيها.
ونحن نتابع كل هذا الزحام من المعلومات، نكتشف إلى أى مدى أصبحنا فى عصر المعلومات وفى نفس الوقت يصل التشويش قمته كل لحظة، لدرجة أن المواطن العالمى وليس نحن فقط يجد نفسه أمام كم من الضجيج بلا هدف، ربما لهذا انتهى الأمر بمواطنى العالم لإعلان تمردهم على ما ينشر ويسعون لتجاوز أزمة فيروس أصاب العالم من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه ومع هذا يظل غامضا مختفيا، فإذا كان فيروس كورونا له من ميزات فهى أنه كشف عن حجم التزييف والفبركة بجانب قليل من المعلومات الصحيحة.