أصدرت الدائرة "19" الأحد، بمحكمة أسرة الدقى، حكماَ فريداَ من نوعه، بنقل حضانة الصغير من الأم لـ"الجدة لأب" بناء على سفر الأم على الرغم أن قانون الأحوال الشخصية لم يشترط السفر لنقل الحضانة بمعنى أدق أن السفر ليس من مبررات نقل الحضانة.
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 471 لسنة 2019 أسرة الدقى، لصالح المحامية أمل محى الدين، برئاسة المستشار أحمد فنجرى، وعضوية المستشارين عمرو خميس، وحسام جاويش، وبحضور وكيل النيابة هشام قراعة، وأمانة سر أحمد السيد.
الوقائع
تخلص وقائع الدعوى فى أن المدعية اختصمت المدعى عليها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناَ بغية القضاء بنقل حضانة الصغير لها مع إلزامها بالمصاريف، وذلك على سند من القول أن المدعي عليها الأولى كانت زوجة للمدعى عليه الثانى بصحيح العقد ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجبت منه على فراش الزوجية الصحيح الصغير "عبد الرحمن"، إلا أن علاقة الزوجية بينهما انتهت بالطلاق، وغادرت البلاد حتى تاريخه وتركت الصغير بيد والده المدعى عليه الثانى، الأمر الذى حدا بها إلى إقامة هذه الدعوى للقضاء بطلباتها أنفة البيان.
وقدمت سندا لدعواها حافظة مستندات طالعتها المحكمة، وإذ تداولت الدعوى بالجلستين على النحو الثابت بمحضريها مثلت خلالهما المدعية بوكيل عنها محام وقدم حافظة مستندات طويت من بينهما على قيد وفاة الجدة لأم، وكذا شهادة تحركات تفيد مغادرة المدعى عليها الأولى البلاد فى شهر سبتمبر 2018، وعدم وجود ما يفيد عودتها حتى تاريخه، وحضر الصغير – عبد الرحمن – بشخصه وقرر برغبته فى البقاء مع جدته لأبيه "المدعية".
المحكمة تعرض الصلح على طرفى الدعوى
وإذ عرضت المحكمة الصلح على طرفى الدعوى وبذلت مساع فيه فلم توفق إذ رفضه وكيل المدعية، وإذ أرفقت شهادة تفيد لجوء المدعية لمكتب التسوية قبل رفع دعواها اطلعت عليه المحكمة، وإذ قدم خبيرا الهيئة تقريرهما اطلعت عليه المحكمة، وإذ فوضت نيابة الأسرة الرأى إلى المحكمة والتى قررت حجز الدعوى للحكم.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى أن المحكمة تمهد لقضائها ما نصت عليه المادة "20/1" من القانون رقم 25 لسنة 1929 م المستبدلة بالقانون 4 لسنة 2005 والتى نصت على أنه: "ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويخير لقاضى الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن فى البقاء فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.."، كما أنه من المقرر قانوناَ بنص المادة 10/2 من القانون رقم 10 لسنة 2004: "...وتسترشد المحكمة فى أحكامها وقراراتها بما تقتضيه مصالح الطفل الفضلى" ويثبت الحق فى الحضانة للأم ثم للمحارم من النساء مقدماَ فيه من يدلى بالأم على من يدلى بالأب ومعتبراَ فيه الأقرب من الجهتين على الترتيب التالى الأم – فأم الأم وإن علت – فأم الأب وإن علت...".
شروط حضانة النساء
كما أنه من المستقر عليه فقهاَ وقضاء أنه يشترط فى ذوات الحق فى الحضانة من النساء أن:
1-أن تكون بالغة عاقلة حرة غير مرتدة.
2-أن تخلو من الأمراض أو العاهات مما يعجزها عن الحضانة.
3-ألا تكون أمينة على المحضون لا يضيع الولد عندها.
4-ألا تكون متزوجة من أجنبى عن الصغير سواء دخل بها أو لم يدخل.
5- ألا تقيم فى بيت من يبغضه.
متى تنتهى حضانة النساء
والأصل فى الحضانة أن تتوافر فيها الشروط المطلوبة وعلى من يدعى تخلف إحداها أن يثبت ما يدعيه، فإذا تخلف شرط من الشروط المذكورة سقط حق الحاضنة فى الحضانة، وانتقلت إلى من يليها فى الترتيب الوارد، كما أنه من المقرر بقضاء محكمة النقض أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: "ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن اثنتى عشرة سنة ويجوز للقاضى بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة بدون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك".
مفاده أن المشرع وإن ارتأى إنهاء حضانة النساء للصغير ببلوغ السن المحددة فى هذه المادة إلا أنه لم يجعل من هذا البلوع حداَ تنتهى به حضانة النساء حتماَ وإنما استهدف فى المقام الأول – وعلى ما بينته المذكرة الايضاحية – العمل على استقرار الصغار حتى يتوفر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم فلا يروعهم من الحاضنات، فأجاز للقاضى بعد هذه السن إبقاء الصغير فى يد الحاضنة حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج طبقا لما يراه بمقتضى سلطته التقديرية محققاَ لمصلحة الصغير، وذلك طبقا للطعن رقم 11 لسنة 64 قضائية.
الطفل منذ ولادته يثبت عليه 3 ولايات
كما أن الطفل منذ ولادته يثبت عليه ثلاث ولايات: "ولاية التربية، والولاية على النفس، والولاية على ماله إن كان له مال"، أما ولاية التربية يكون للنساء وهو ما يسمى بالحضانة هى تربية الولد فى المدة التى لا يستغنى عنها عن النساء ممن لها الحق فى تربيته شرعاَ وهى حق للأم ثم لمحارمه من النساء وجاء فى الأثار الصحيحة بأن النساء أحق بالحضانة فقد روى أن امرأة جاءت إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – وقالت يا رسول الله: "هذا ابنى كان بطنى له وعاء وحجرى له حواء وثدى له سقاء وأن أباه طلقنى وأراد أن ينزعه منى"، فقال النبى: "أنت أحق به مالم تتزوجى".
وروى أن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – كان قد طلق امرأة من الأنصار بعد أن أنجب منها ولده عاصماَ، فرأه فى الطريق، فأخذه، فذهبت جدته أم أمه وراءه وتنازعا بين أبى بكر الصديق، فأعطاها إياه، وقال للفاروق عمر – رضى الله عنهما – "ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك".
المحكمة تستند على شهادة تحركات الأم
كما أنه من المستقر عليه فى الشريعة الاسلامية أن الحضانة تتعلق بها حقوق ثلاثة: حق الأب وحق الحاضنة وحق المحضون، وهذه الحقوق الثلاثة إذا اجتمعت وأمكن التوفيق بينها ثبتت كلها، أما إذا تعارضت كان حق المحضون مقدماَ على غيره لأن مدار الحضانة على نفع المحضون، فمتى تحقق وجب المصير إليه دون التفات إلى حق الأب أو حق الحاضنة لأن المقرر شرعاَ أنه إذا تحققت مصلحة المحضون فى شىء وجب المصير إليه، ولو خالف ذلك مصلحة الأب والحاضنة لأن حق المحضون فى الرعاية أقوى من حقيهما فيقدم دائما.
ولما كان ما تقدم – وكان الثابت للمحكمة أن المدعية اقامت دعواها بغية القضاء بنقل حضانة الصغير "عبد الرحمن" لها تأسيساَ على أن المدعى عليها الأولى "والدة الصغير" غادرت البلاد من شهر سبتمبر 2018، ولم يوجد ما يفيد عودتها حتى تاريخه – حسبما ورد بشهادة التحركات – وكذا وفاة جدة الصغير لأمه، ولما كان ذلك وكان الثابت أن الصغير مواليد 23 سبتمبر 2009 أى أنه فى سن ومرحلة عمرية أحوج فيها إلى من يكفله برعايته، ولما كانت المدعية هى الجدة لأب، وهى التالية للجدة لأم فى ترتيب الحضانات، وكانت الأخيرة قد انتقلت إلى رحمة الله تعالى الأمر الذى ترى معه المحكمة أن مصلحة الصغير أن يكون فى يد جدته لأبيه "المدعية"، لا سيما وقد خلت الأوراق مما يفيد انتفاء شروط الحاضنة فى المدعية، وهو ما انتهى إليه المتقدم ذكره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة