اتخذت المؤسسات الدينية في مصر كافة الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، واتباع تعليمات الحكومة ومنظمة الصحة العالمية ما بين تخفيض للعمالة والعمل من المنزل وتعطيل الدراسة وإخلاء المدن الجامعية من الطلاب، لكن يبقى أمر في غاية الخطورة ينذر بكارثة إن لم يتم اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية تحسباً لوقوع الكارثة ألا وهى مدينة البعوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والتي تضم بين جنباتها 4 الآف طالب من أكثر من 118 دولة.
ورغم اتخاذ عدد من الإجراءات الأولية الوقائية إلا أن وجود مثل هذا العدد الضخم داخل مدينة تقع على مساحة 126 ألف متر تقريباً، فهل يتحرك الأزهر الشريف وإمامه الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر الشريف، والذى يولى الطلاب الوافدين اهتماماً ورعاية خاصة، حيث يتم توزيع هؤلاء الطلاب على باقى المدن الجامعية والتي تم إخلاؤها من الطلاب المصريين، فإن توزيع الطلاب على تلك المدن يزيد من إجراءات الوقاية والتحكم ومنع لتفشى الفيروس وسط اعداد كبيرة من الطلاب يمكثون في مكان واحد.
ورغم اتخاذ الإدارة العامة لمدن البعوث عدة إجراءات إلا أنه تظل المشكلة الأكبر في تواجد كل هذا العدد الكبير من الطلاب في مدينة واحدة، حيث تقطعت السبل في عودة بعضهم إلى بلدانهم بعد توقف حركة الطيران لحين انتهاء تلك الأزمة، وكشف عثمان نورستانى، رئيس برلمان الطلبة الوافدين السابق، أن إدارة المدينة اتخذت العديد من الإجراءات التي تهدف لحمايتهم وتأمينهم موجها الشكر لها ،حيث أغلقت إدارة المدينة المطعم والاكتفاء بتوزيع وجبات على أن يتم تناولها في الغرف مع التشديد على عدم التجمعات في الطرقات والغرف مع اتخاذ الإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامات والجوانتيات، كما اتخذت إدارة المدينة قراراً بغلق المسجد لعدم تجمع الطلاب، كما سمحت للطلاب بالخروج من المدينة الجامعية من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثانية ظهراً مع توفير جهاز الكشف الحرارى لدى عودة الطلاب للمدينة.
الطلبة الوافدين بالأزهر الشريف يقترب عددهم من 40 ألف بحسب المعلن في عدة مناسبات من قبل مسئولي الأزهر الشريف، وإن لم تكن هناك إحصائية دقيقة معلنة سواء بالعدد الفعلى للطلاب أو عدد الدول، حيث أن معظم التصريحات من المسئولين يذكرون الأرقام بالتقريب، ويظل الطلاب الوافدين بالرغم من أنهم مصدر قوة لمصر لدراستهم بالأزهر الشريف أحد القوى الناعمة لمصر إلا أنه في مثل تلك الظروف قد يشكل تواجدهم عباءً يستلزم مضاعفة الجهود للحفاظ عليهم من أن يصيبهم مكروه، فالطاقة الاستيعابية لمدن البعوث سواء في القاهرة او الإسكندرية لا تتخطى نحو الـ 7 الآلاف طالب وطالبة ليظل العدد الأكبر خارج أسوار المدن الجامعية مما يجعلهم عرضة للإصابة بفيروس كورونا حيث يحرص الطلاب خارج المدن الجامعية على التجمعات الخاصة بهم في الأماكن التي يتمركزون بها والتي عادة ما تكون في نطاق معاهد البعوث الإسلامية وجامعة الازهر.
وتعمل مدينة البعوث الإسلامية على توفير كافة الإمكانيات والمقومات، من أجل استقبال الطلاب الأجانب من مختلف دول العالم، للدراسة في رحاب جامعة الأزهر، وتعود فكرة إنشاء مدينة البعوث الإسلامية إلى عهد الملك فاروق، عندما اقترح عليه شيخ الأزهر وقتها، بإنشاء مدينة تجمع طلاب الأزهر ،حيث تزايد عدد الطلاب الوافدين ،و ضاقت بهم أروقة الأزهر، الأمر الذي جعل إقامة مدينة للبعوث الإسلامية ،أمرا لا مفر منه، فانهالت عليه التبرعات لإنشاء المدينة، ثم صدر الأمر الملكي رقم 34 لسنة 1952 في 6 مايو 1952م بإنشاء "مدينة فاروق الأول للبعوث الإسلامية" وتم تخصيص مبلغ 20 ألف جنيه لإقامتها، وأسندت رئاستها الفخرية إلى الأمير محمد عبد المنعم.
- عقب ثورة يوليو 1952 توقف المشروع، وما لبثت أن تجددت الفكرة مرة أخرى فصدر قرار من مجلس الوزراء في نوفمبر 1954 بإنشاء مدينة جامعية لكل الطلبة الوافدين إلى الأزهر، وتم تخصيص قطعة أرض قريبة من الأزهر لإقامة المدينة عليها، ورصدت الحكومة لها ما تحتاجه من المال للبناء والتأثيث والإقامة والتغذية والإشراف.
وتم البدء في تسكين الطلاب لأول مرة في 15 سبتمبر 1959 بعد أن افتتحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومعه شيخ الأزهر وكان آنذاك الشيخ محمود شلتوت، وأقيمت المدينة على قطعة أرض مساحتها 126 ألف متر، منها 42000 متر، للحدائق والمنتزهات والطرقات، و84000 متر للإشغالات السكنية والمرافق، وأقيم للمدينة فرع آخر بمدينة الإسكندرية لتوفير المسكن والمأكل للطلاب الوافدين المقيمين بها، وكذلك توفير الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة