شتان بين الكذب والحقيقة، بين مَن يخدع الناس تحت مسميات براقة من الخارج بينما الهدف منها شيطانى وتجارة بالدين وبين مَن يقول الحقيقة، وهنا لابد أن نستشهد بموقف الخليفة المزعوم أردوغان عندما رفض عودة المعتمرين الأتراك لبلدهم بسبب أزمة كورونا واستضافتهم المملكة العربية السعودية مجاناً فى فنادق خمسة نجوم التى حاك ضدها المؤامرات واحدة تلو الأخرى.
هكذا تعامل الحالم بالإمبراطورية العثمانية الفانية ويده مليئة بدماء المدنيين والعسكريين فى الشرق الأوسط، بعدما موّل التنظيمات الإرهابية بالعتاد ووفر لهم الدعم فى سوريا والعراق بهدف استنزاف ثروات البلدين من بترول وغاز بعد فشل مشروع الطاقة بين قطر وتركيا، وفى ليبيا أرسل قوات من الجيش التركى لدعم الميليشيات فى طرابلس لتحارب الجيش الوطنى الليبى، وفى مصر موّل تنظيمات إرهابية داخل مصر (حركة أنصار بيت المقدس، حركة حسم، حركة جند الإسلام، أجناد مصر، وكتيبة أنصار الشريعة) لاستهداف المصريين، وأصبحت تركيا مرتعاً للهاربين من أنصار جماعة الإخوان وفتحت لهم قنواتهم لبث سمومهم بالداخل المصرى، والتحريض بكل وقاحة وتبجح على الدولة المصرية وبث الشائعات ضد مؤسساتها.لكن على عكس سرعة أدائه فى تمويل الإرهاب ونشاطه فى علاج المصابين من الإرهابيين، كان تعامل أردوغان مع الشعب التركى فى أزمة كورونا التى ينتشر فيها الفيروس بسرعة كبيرة مخيّباً لشعبه، فبينما تطمئن الحكومة السكان وتقول إن كل شىء تحت السيطرة. يتحدث أطباء أتراك عن تقصير كبير فى محاربة تفشى فيروس كورونا وأن تهاون الرئيس التركى فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء فيروس كورونا هو السبب فى تفشيه فى معظم أرجاء البلاد، حسب تعبير النائب عن حزب الشعب الجمهورى التركى آوتكو جاكير آوزار خلال مؤتمر صحفى فى مقر البرلمان، وأشار إلى أنه على الرغم من خطورة الوضع فليس هناك أى تفسير منطقى لموقف أردوغان الذى لم يعلن منع التجول فى عموم البلاد، وهو ما أوصت به الهيئة العليا للأبحاث العلمية المكلفة بمتابعة تطورات فيروس كورونا.
النائب التركى أيضاً كشف عن فضيحة لأردوغان تخص قرار العفو عن السجناء الذى تستعد السلطات لإصداره يشمل كل المجرمين العاديين مع الإبقاء على الصحفيين والسياسيين والمثقفين المعارضين لأردوغان والذين لفقت لهم اتهامات لسجنهم، وتعجب «آوزار» من ممارسات النظام التركى التى جعلت البلاد فى المرتبة 157 فيما يتعلق بحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأى، ولاسيما بعد ازدياد أعداد الصحفيين فى السجون التركية لأن أردوغان لا يتحمل أى انتقاد أو معارضة ولا يرحم أحداً.
وأيضاً الخبير التركى «إنان دوغان» قال إن بلاده من بين البلدان التى تكتفى بنفى التفشى الكبير لفيروس كورونا المستجد بدل اعتماد سياسة استباقية تمنع انتشاره، ما سيجعل عدد المصابين بالفيروس يرتفع فى الأيام المقبلة، وفق موقع «إنسايدر مانكى» المتخصص فى الشؤون المالية، فيما اتهم الباحث الأمريكى المختص بشئون الشرق الأوسط، مايكل روبن، الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحكومته، بـ»الكذب» بشأن عدد مصابى فيروس كورونا، قائلا إنه قد يصل إلى 60 فى المائة من أفراد الشعب التركى.
وأورد «روبن»، فى مقال على موقع «ذا ناشيونال إنترست»، تصريحاً لطبيب تركى يؤكد أن عدد الأتراك المصابين بفيروس كورونا قد يصل إلى 60 فى المائة من الشعب، وأن أردوغان ووزراءه نفوا وجود إصابات بفيروس كورونا داخل البلاد، رغم اكتشاف حالات إصابة مؤكدة بين السائحين العائدين من بلادهم بعد زيارتها.
كما نُقِلَ عن أستاذ من أصل تركى فى كلية الطب فى جامعة بيتسبيرج الأمريكية يدعى «أرجين كوتش يلدريم»، اتهامه للحكومة التركية بالتلاعب بنتائج التحليلات الخاصة بالمصابين بفيروس كورونا، وهذا ما قاله «إنان دوغان» بأنه يتوقع أن يكون هناك أكثر من 500 ألف مصاب تركى اليوم بالفيروس، بناء على نموذج حسابى اعتمده لحساب عدد المصابين فى الولايات المتحدة الأمريكية وجاءت نتائجه مطابقة للحصيلة التى سجلتها واشنطن حتى الآن.
وكلام الخبير التركى لم يختلف عما أكده موقع «تركيا الآن» أن اتحاد الأطباء فى تركيا كشف عن أزمة يتعرض لها قطاع الصحة، بسبب سوء التواصل بين الأطباء ووزارة الصحة، وإهمال الأخيرة لإرسال نتائج اختبارات المرضى المشتبه فى إصابتهم بفيروس كورونا «كوفيد 19»، رغم تسارع معدلات انتشار الوباء فى تركيا خلال الأيام الأخيرة.
وأكد اتحاد الأطباء الأتراك أنه أرسل إلى وزير الصحة «فخرالدين كوجة»، مطالباً إياه بإرسال نتائج تحليلات وفحوصات المرضى المشتبه فى إصابتهم بفيروس كورونا، حتى يتمكن الأطباء من التعامل مع الحالات بشكل سريع، فى ظل تفاقم الأزمة، وجاء فى رسالة الاتحاد إلى وزير الصحة فخر الدين كوجة، أن نتائج اختبارات المرضى الذين نفحصهم ونتابعهم لا ترسل للأطباء إلا بعد فوات الأوان، وفى معرض الدعوة إلى العمل المشترك مع وزارة الصحة، قال الاتحاد إن معرفة نتائج اختبار المرضى أصبح صراعاً إضافياً ومجهداً للأطباء. ويمثل الأطباء والمتخصصون فى مجال الرعاية الصحية القطاع الذى يحتاج إلى شفافية أكثر من أجل حماية أنفسهم والمرضى الآخرين من كوفيد19.
وفى محاولة لإخفاء الحقيقة عن الشعب اعتقلت السلطات التركية 64 شخصاً بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعى تتعلق بتفشى فيروس كورونا فى البلاد، وصفتها وزارة الداخلية بأنها مستفزة ولا أساس لها.
وقالت وزارة الداخلية التركية عبر تويتر: وجدنا 242 شخصاً يُشتبه بأنهم نشروا عبر وسائل التواصل الاجتماعى منشورات مستفزة، ولا أساس لها تتعلق بفيروس كورونا، وتم توقيف 64 شخصاً بل والعمل مستمر لتوقيف آخرين، لكن الحملة الجديدة جاءت بعد حملة مماثلة سابقة تم خلالها اعتقال 19 شخصا، من أصل 93 حددتهم أجهزة الأمن، للسبب ذاته، ولاتهامهم بترويج شائعات تستهدف بعض المسئولين، هذا الكلام يؤكد أن تركيا وإن صدقت لكنها تتجرع من الكأس نفسه الذى تحاول سقيه للدول الشقيقة ومصر من بث شائعات حول رموزها ومؤسساتها، وهنا ينطبق عليها المثل القائل «طباخ السم بيدوقه» مع أنى أشك فى صدق كلام الحكومة التركية.