حرصت جميع الأديان السماوية على دعم التكافل والترابط بين الناس، وحثت على التصدق بالمال، المصحوب بالسرية، وعدم شعور الطرف الآخر بالتقليل من شأنه واحترام خصوصيته ومشاعره.
وأوضح القرآن الكريم فضل هؤلاء الذين ينفقون أموالهم فى السر، فقدم الإنفاق فى السر عن العلانية، وقدم الإنفاق ليلاً عن النهار، فقال عز وجل :"الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
وفى الحديث الشريف الذى رواه أبو هريرة عن رسول الله، بشأن سبعة يظلهم اللهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله، جاء من ضمنهم، "ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ".
وضع الإسلام قواعد وآداب عامة للإنفاق ومساعدة الغير، حى لا نجرح شعورهم، فكيف نجبر حاجته بالمال، ثم نؤذى شعوره بالتفاخر بالعطايا!!
حكوا لنا قديماً، عن أشخاص أنفقوا أموالهم لسنوات طويلة على البسطاء دون جرح لمشاعرهم، ودون أن يعلم أحد بذلك، حتى ماتوا فترحم الفقراء عليهم، ووصفوا عطاياهم فعرفنا قصصهم.
للآسف، الآن.. بات الأمر مختلفاً تماماً، من خلال هؤلاء الذين يوثقون الصدقات بالتصوير، ويجبرون البسطاء على أن يكون جزء من مشهد قاسى، للتفاخر بين أهل الدنيا بهذه العطايا، دون الالتفات لمشاعر الآخرين.
كم شاهدنا صورا قاسية ومؤلمة لأطفال صغار يعطون ظهروهم لأثرياء حاولوا تصويرهم عنوة أثناء استلام المساعدات، وسيدات أجبرتهن الحاجة للحضور لأماكن عامة لاستلام المساعدات يضعن قطعة قماش على الوجه، إلا أن ذلك لم يكبح جماح مدمنى الشو والباحثين على لقطة للاتجار بها، حتى لو كانت على جثث وكرامة البسطاء ومشاعرهم.
ونحن بصدد أزمة عالمية تطل برأسها على العالم برمته، وأصاب رذاذ منها بلادنا، نستغرب موقف جمعيات خيرية فى القرى والنجوع، طالما جمعت الأموال من الأثرياء بزعم توزيعها على البسطاء، واختفت الآن من المشهد تماماً، فى ظل إلغاء التجمعات، حيث كانت هذه الجمعية تجد من التجمعات والاحتفالات بيئة خصبة للاتجار بالصدقات وتسجيل مزيد من الشو، لكن غاب دورها الآن فى الأزمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة