صارت كلمة "نهاية العالم" من الكلمات المنتشرة هذه الأيام بسبب وباء كورونا الذي يضرب العالم، وبالتالي ستجد أنفسنا نفكر ماذا لو كانت نهاية العالم غدا؟ كيف سنتصرف فى الساعات القليلة المتبقية؟
الشاعر العربي الكبير محمود درويش فكر فى ذلك ذات مرة فيما يتعلق بحياته وله قصيدة جميلة بعنوان "بقية حياة" يقول فيها:
إذا قيل لي : ستموتُ هنا في المساء
فماذا ستفعل في ما تبقَّى من الوقتِ ؟
ـ أنظرُ في ساعة اليد /
أشربُ كأسَ عصيرٍ ،
وأَقضم تُفَّاحَةً ،
وأطيلُ التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها ،
ثم أنظر في ساعة اليدِ /
ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني
وأَغطس في الماء / أهجس :
"لا بُدَّ من زينة للكتابة /
فليكن الثوبُ أزرق"/
أجْلِسُ حتى الظهيرة حيّاً إلى مكتبي
لا أرى أَثر اللون في الكلمات ،
بياضٌ ، بياضٌ ، بياضٌ...
أُعِدُّ غدائي الأخير
أَصبُّ النبيذ بكأسين : لي
ولمَنْ سوف يأتي بلا موعد ،
ثم آخذ قَيْلُولَةً بين حُلْمَينْ /
لكنّ صوت شخيري سيُوقظني ...
ثُمَّ أَنظرُ في ساعة اليد:
ما زال ثَمّةَ وَقْتٌ لأقْرأ /
أَقرأ فصلاً لدانتي ونصْفَ مُعَلَّقَةٍ
وأرى كيف تذهب مني حياتي
إلى الآخرين ، ولا أتساءل عَمَّنْ
سيملأُ نُقْصَانَها
ـ هكذا ؟
ـ هكذا
ثم ماذا ؟
ـ أمشّط شَعْري ،
وأرمي القصيدة... هذي القصيدة
في سلة المهملات
وألبسُ أحدث قمصان إيطاليا ،
وأُشَيّع نفسي بحاشِيَةٍ من كَمَنْجات إسبانيا
ثُمَّ أمشي إلى المقبرةْ !