ونحن نواجه فيروس كورونا المستجد ونشاهد العالم من حولنا يتعرض لزحف الفيروس، بشكل يجعل من الصعب التكهن بموعد انتهاء الأزمة، وبالطبع فسوف تستمر عملية تقييد حركة السفر بين الدول ونقل السلع والبضائع، مما يجعل من المهم أن تسعى الدول إلى إجراءات الحفاظ على احتياطيات الغذاء والدواء، وفى نفس الوقت وفى ظل تزايد الحاجة إلى المواد المعقمة والطبية وأدوات العزل أو الوقاية، وبعض الدول تواجه أزمات هذه المنتجات، ونشاهد عمليات قرصنة وسرقة للاستيلاء على صفقات مواد طبية، كل هذا يدفع للتفكير فى الاعتماد على الذات، وهى فرصة لاكتشاف واختبار قدراتنا على تحقيق الاكتفاء الذاتى من منتجات كثيرة تتوفر لدينا قدرات انتاجها، بدءا من أدوات التعقيم، وصولا إلى الأدوية والمواد الطبية.
ورأينا كيف نجح عمال وفنيو غزل المحلة فى بناء خط إنتاج للكمامات، وتجارب أخرى لإنتاج ملابس العزل للمرضى والأطباء، ونجحت شركة الصناعات التكاملية فى توفير كميات كبيرة من الكحول اللازم للتعقيم وأيضا للصناعات الطبية، كما نجحت المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع فى صناعة كابينة تعقيم، وفى حالة منح بعض شركات الأدوات الطبية فرصة، يمكن أن نصل لإنتاج بعض الأدوات الطبية مثل السرنجات والخيوط الجراحية التى توجد بالفعل خطوط إنتاج لها.
المهم أن تكون المنتجات طبقا للمواصفات القياسية، وبجودة عالية لأنها تتعلق بصحة الناس، أيضا تكون قابلة للتصدير حال زاد الإنتاج عن الاستهلاك، وإذا كانت الشركات الوطنية العامة قامت بدور لافت فى هذا الإطار، لمواجهة أزمة تمنع الاستيراد وتحد من الحركة، فهى فرصة لأن يتم تقييم واكتشاف أهمية أن تتوفر للمجتمع شركات يمكنها أن تقدم ما يحتاجه فى وقت دقيق مثل وقت مواجهة فيروس كورونا.
ومن المنتجات والأدوات الطبية إلى منتجات غذائية وما توفره شركات الخدمة الوطنية والقطاع الخاص من لحوم ومواد غذائية تلبى حاجة المستهلك، وتساهم بطريق غير مباشر فى توازن السوق ومواجهة التلاعب بالأسعار، نفس الأمر فيما يتعلق بالصوبات ومشروعات الإنتاج الزراعى التى توفر السلع الأساسية، وكلها خطوات تمنح اطمئنانا بوجود مخزون يتجاوز ما أعلن عنه، بل ويمكن مصر من الاستمرار حال استمرت عمليات الإغلاق الدولية.
كل هذه التفاصيل تشير إلى أهمية الهيئات والأنشطة الاقتصادية العامة، فى وقت تواجه فيه الشركات الخاصة تعثرا مشكلات وتفكر فى خفض إنتاجها أو التوقف، وطبيعى أن تكون لدى القطاع الخاص حسابات الربح والخسارة، وتوفير تكاليف الإنتاج، لكن الدولة لاتفكر بهذه الطريقة خاصة وقت الأزمات، حيث يفترض أن تكون قادرة على توجيه الأنشطة الاقتصادية بما يلبى حاجات المجتمع، وأن تكون هناك أنشطة مستمرة بصرف النظر عن الربح خاصة فى وقت أزمة وطوارئ.
ولعل هذا هو ما دفع وزير المالية الدكتور محمد معيط للقول إنه «آن الأوان للصناعة المصرية أن تثبت وجودها وتعود للمشهد وتحل منتجاتها محل المستورد من الخارج، خاصة أن أغلب الدول التى كنا نستورد منها تواجه أزمة فى السفر والنقل».
ونحن هنا لا نناقش افضلية القطاع الخاص والعام، لكننا أمام واقع يفرض نفسه، وربما يكون القطاع الخاص هو الآخر مدعوا لانتهاز الفرصة، والاندماج فى تصنيع وإنتاج مواد وأدوات عليها طلب، فضلا عن توفر الخامات الخاصة بها، خاصة أن فيروس كورونا، كشف لأول مرة عن وجود احتمالات الإغلاق التام للحدود لفترات قد تمتد لشهور، وهنا فإن الدول التى يمكنها توفير حاجاتها تكون أكثر قدرة على البقاء من مجتمعات تعيش على الاستيراد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة