استطاع يحيى الطاهر عبد الله أن يحول جماليات الصعيد وحكاياته وأساطيره الخالدة إلى صور من لحم ودم، يصف فيها الموروث الشعبى لأهل الجنوب، ويرسم فيها العلاقات المليئة بالدفء والحنين التي يتسرب إلينا عبر قصصه.
وتمر اليوم الذكرى الـ 39 على رحيل "النجم الذى هوى" كما وصف الأديب الكبير الراحل يوسف إدريس في مقالة ينعى فيها يحيى الطاهر عبدالله، الذى توفى في مثل هذا اليوم عام 1981، عن عمر ناهز 43 عاما.
استطاع "الجنوبى" كما أطلق عليه الشاعر الكبير أمل دنقل، أن يبقى ويخلد في ذاكرة القراءة العربية، وكانت شهرته ككاتب قصة قد ذاعت بين كتاب الستينيات ومات وهو في ذروة قدرته الإبداعية المدهشة، خاصة بعد النجاح الكبير التي تركته روايته "الطوق والأسورة"، وجاءت نهايته المأساوية لتلقى بظلالها على سيرة أديب كان ينتظره مستقبل كبير، فهل كانت سببا في بقائه؟
تجربة يحيى الطاهر عبدالله رغم أنها صغيرة العمر إلا أنها عظيمة الأثر، وصفه الناقد الكبير الدكتور جابر عصفور من قبل فى إحدى دراساته النقدية، بأنه ينتمى إلى هذا الجيل الغاضب الذى تمرد على أشكال الكتابة القائمة والموروثة، مستعيناً بالتجريب الذى اقترن بالبحث عن أشكال جديدة وخرائط إبداعية مختلفة، وذلك بهدف مجاوزة الثنائية التقليدية بين الأصالة والمعاصرة، وبين الطليعة المهمشة والجماهير العريضة التي حلمت الطليعة بتحريكها".
من جانبه قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة: "أتصور أن يحيى الطاهر حصل على شعبيته الملحوظة، خصوصا بين الكتاب الشباب الآن، من خلال كتاباته نفسها وليس من خلال ما ارتبط بوفاته المفاجئة والمأساوية، وليس أيضا من خلال تحويل روايته "الطوق والاسورة" الى فيلم.
وأضاف "حمودة" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "كتابات يحيى التي عرفت شكل القصة القصيرة والرواية القصيرة أيضا والنصوص المفتوحة، كانت تقوم على مغامرة تراهن على مستقبل جديد ومتميز للكتابة، صحيح أنها صارت في مسار ممهد شارك فيه كتاب كبار مثل يوسف إدريس ويحيى حقي ومحمود طاهر لاشين، لكن كتابات يحيى أضافت تجربة مهمة وجديدة في هذا المسار الذى استكشف مساحة جديدة للكتابة تفيد الموروث الشعبي والجماليات الجماعية، وتصوغ منها تجربة إبداعية تستحق وحدها أن تصنع اسطورتها الخاصة، بغير حاجة إلى ملابسات موت مأساوي، أو تحويل رواية إلى فيلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة