خالد ناجح

«الاختيار» يدك حصون الإرهاب

الإثنين، 11 مايو 2020 08:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان العالم العربى يتفاهم باللهجة المصرية التى جمعتهم ووحدتهم من خلال انتشارها عن طريق السينما المصرية، لكن جاء وقت فقدت فيه مصر قوتها الناعمة فى صناعة الدراما والسينما وعجزت عن أن تقدم محتوى مؤثرا مصرياً على الأقل، على الرغم من الأرشيف الضخم الذى تمتلكه، والذى تم نهب جزء كبير منه فى العقدين الأخيرين.
 
منذ بدأ عرض مسلسل «الاختيار» والتفاف الجمهور المصرى والعربى حول الشاشات لمشاهدته، بدأت حملات الهجوم الشعواء ضد المسلسل الذى يجسد بطولات رجال القوات المسلحة المصرية فى حربهم ضد الإرهاب، وهى حملات ليست غريبة من جانب بعض القنوات المعادية والتى عمدت منذ ٢٠١١ على تشويه الأوضاع داخل مصر لتحقيق أطماعها، وخاصة أن المسلسل يضربهم بعنف فى الفكر، وهو ما يخشونه أكثر من الرصاص، فنجاح «الاختيار» يعود أيضا إلى الملامح الأسطورية للشخصية الحقيقية لبطل المسلسل العقيد أحمد المنسى الذى كان التلاميذ يتغنون باسمه فى المدارس حتى أشهر قليلة مضت، أيضاً ليقول إن كل ابطالنا شهداء «أحمد المنسى».
 
هنا تتضح أهمية الدراما باعتبارها أحد أهم وسائل تكوين الصورة الذهنية، خاصة أنها خضعت للتشويه خلال السنوات الأخيرة حتى قبل 2011، وهو ما أدى إلى عدم وضوح الرؤية فى السنوات التالية لها.
 
وعلى الرغم من أن مصر هى الدولة الأعرق والأسبق فى صناعة السينما والدراما بالشرق الأوسط، إلا أنها تركت هذا السلاح تماماً فى السنوات الصعبة الماضية، وتخلت عن سلاحها الناعم لأسباب عديدة لا مجال لذكرها الآن، وفى المقابل كان الطامعون والطامحون لأدوار أكبر من حجمهم لا يكفون عن تلفيق الأحداث وتسخير الآلة الإعلامية لصالحهم، وهذا ما فعلته تركيا بغزوها للعالم العربى بمسلسلاتها وبأحداث مضللة ومزيفة للتاريخ.
 
وحتى بعد نجاح ثورة 30 يونيو لم تكف الدول عن سلاح الإعلام، فقناة «الخنزيرة» مثلاً أنتجت أفلاماً تسجيلية لتتناقلها القنوات الأخرى لصنع صورة ذهنية مغايرة للحقيقة، فكل منتجهم يساند الإرهاب فى كل الدول العربية، بل وتشكك فى كل الجهود التى تقوم بها الدول فى مواجهة الجماعات التكفيرية من ناحية والتقليل من شأن ما تقوم به مصر مثلاً من تحديث وبناء وعمران فى جميع أنحاء الجمهورية.
 
نذهب لمسلسل «الاختيار» الذى يقدم الرواية الحقيقية لما جرى فى سيناء خلال هذه السنوات الماضية وكشف بالدليل القاطع كذبهم وزيفهم فى نقل حقيقة الأوضاع بسيناء، وهو أحد أهم أسباب نجاح مسلسل «الاختيار» لأنه يجسد وقائع حقيقية لم تغب عن الذاكرة، لاسيما أن أبناء مصر جميعا عانوا من ويلات الإرهاب، والشعب فى مناطق مختلفة خرج لتشييع جنازات الشهداء الذين سقطوا بنار الغدر والخيانة.
 
الإشادات من المواطنين وتفاعلهم مع المسلسل عبر مواقع التواصل الاجتماعى تحولت إلى موقف حازم وجاد ضد الإرهاب الذى تمارسه الجماعات المتطرفة، وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، التى جن جنونها، ولم تسكت بل أطلقت لجانها الإلكترونية تعمل على التشويه والتضليل فى محاولة يائسة للتقليل من شأن المسلسل الذى التف حوله شعوب العالم العربي، واستقبله المصريون بحفاوة أشعلت نار الغل والحقد فى صدور شياطين الجماعة الإرهابية.
وعند بحثى فى انتقادات الإخوان وجدتهم لم يناقشوا المسلسل فنياً، فهم ربما لم يروه، لكنهم كانوا يجهزون حملاتهم الشرسة عليه، وهذا الهجوم الممنهج أعاد إلى الأذهان هجومهم على فيلم «الممر» الذى نال الهجمة الإخوانية نفسها منذ اللحظات الأولى للإعلان عن عرضه فى مصر.
 
كان الهجوم ومازال عبر منابر الإخوان وإعلامهم المحرض بحملات ممنهجة ضد الرسالة الوطنية فى محاولة منهم لنشر الشائعات وتزييف الحقائق، وتشويه صورة المؤسسة العسكرية المصرية.
 
لكن جاءت الضربة هذه المرة من عمل فنى ضد جماعات التطرف والعنف والتخريب، فى مواجهة فكرية باقتدار، قبل أن تكون معركة مسلحة، هذه النوعية من الرواية الدرامية والسينما مثل مسلسل «الاختيار»، ومسلسل «كلبش»، وفيلم «الممر»، أجهضت مشروع الإخوان وحلفائها على مدار الست سنوات الأخيرة فى إسقاط هيبة المؤسسة العسكرية المصرية.
 
المسلسل ركز على مجموعة رسائل مهمة منها قضية «الانتماء الوطنى»، وخاصة للأجيال الجديدة تحديداً التى حُرمت من فكرة القدوة الوطنية المخلصة، التى تم تغييبها عمدًا، وتعرضت وتأثرت بمشاريع وأدوات الحروب النفسية والإلكترونية الجديدة التى تمت صياغتها لتدمير الهوية المجتمعية وانتزاعها من عروبتها وقوميتها. إن الجيش المصرى فعلياً يقف عائقاً أمام مشروع جماعات الإسلام السياسى والحركى المسلح، بمختلف تنوعاتها، ومن ثم وضعت هذه الجماعات نصب أعينها مشاريع فكرية وبحثية صبغتها بالأطر الشرعية والدينية ووظفتها فى عمليات التأثير الفكرى والنفسى.
 
ليأتى المسلسل أبلغ رد على حملات التشكيك فى دور المؤسسة العسكرية ودورها فى مكافحة الإرهاب والحفاظ على مقدرات الدولة المصرية فى ظل حروب تقسيم واضحة جدا للجميع، والقضاء على مخطط إسقاط الدولة المصرية والدول العربية، على يد جماعة الإخوان وحلفائها الذى بدأ تحت لافتة مشروع «الفوضى الخلاقة»، وهو استهداف خلق كيانات جديدة يكون ولاؤها للجماعة الإرهابية وللوبى الأمريكى الصهيونى، فى ظل هدم المؤسسات الوطنية التى تحافظ على التراب المصرى وهويته وفى مقدمتها المؤسسة العسكرية.
 
دك «الاختيار» حصون الإرهاب وزلزل عروش كذبهم بصدق أحداثه وما يقدمه من محتوى فنى وتقنى فضلاً عن صدق مشاعر فريق العمل تجاه الرسالة التى يقدمونها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة