بعد أشهر من الهدنة، عادت الاحتجاجات المنددة بالحكومات مرة آخرى إلى شوارع أمريكا اللاتينية، بل عادت أشد من الاحتجاجات التى اندلعت فى القارة فى عام 2019، وذلك بسبب فيروس كورونا الذى عمق من الأزمة وخلق حالة من عدم المساواة وتفاقم الفقر وارتفاع نسبة البطالة.
وقالت صحيفة " لا راثون" الإسبانية إن عام 2019 شهد صراعات اجتماعية كبيرة وواسعة الانتشار فى أمريكا اللاتينية ، حتى انتشر فيروس كورونا، الذى أوقف هذه الاحتجاجات لبعض الوقت، حتى تعود مجددا بشكل أقوى بسبب عدم اتباع الحكومات فى امريكا اللاتينية نظام ادارى منظم للحد من انتشار الوباء، وبالتالى فإن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التى حدثت فى جزء كبير من القارة بسبب وباء كورونا ستحفز مظاهرات جديدة ، فى القارة التى أصبحت تتميز بالفقر وعدم المساواة.
ووفقا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (ECLAC) ، سيترك كوفيد 19 ما يقرب من 35 مليون شخص فقر ، مشيرة إلى أن معدل الفقر فى المنطقة سيرتفع بنسبة 4.4% خلال عام 2020، من 30.3% إلى 34.7% وزيادة فى البطالة بنسبة 10% هذا العام، وسيكون 2020 أسوأ ركود فى تاريخ أمريكا اللاتينية.
وفى هذا الإطار من حالات الطوارئ الاجتماعية والاقتصادية والصحية ، يجب على الحكومات المختلفة اتخاذ قرارات بشأن إعادة تخصيص ميزانياتها المتدهورة ، وتغطية الاحتياجات الأساسية للقطاعات الأكثر ضعفا وتقديم الدعم للشركات التى اضطرت إلى وقف الإنتاج.
مسيرات الجوع
وفى بوجوتا، كولومبيا، نزل الناس إلى الشوارع للتنديد بأنهم لا يتلقون مساعدات اجتماعية ولا يمكنهم العمل ورفعوا شعار "نحن جائعون"، وكرروها فى احتجاجاتهم.
وكان سكان حي أربوريزادورا ألتا في سيوداد بوليفار يحتجون منذ عدة أيام على عدم تلقيهم المساعدة من المقاطعة في الأوقات التي تأثروا فيها بشدة بالوباء.
كما خرجت العديد من المسيرات الاحتجاجية فى الارجنتين، ورفعوا شعار "لا يوجد حجر صحى مع الجوع"، حيث يزداد الاكتظاظ ونقص الموارد مع صعوبة الامتثال لتدابير الحبس، مع زيادة عدد المصابين بالفيروس إلى 420 شخص، مع 6 وفيات.
وقالت أجوستينا جرادين ، خبيرة بجامعة بوينس آيرس، إن "الوباء كشف كما لم يحدث من قبل عدم المساواة وضعف الولايات في حضور حالات الطوارئ التي لم يتم حلها منذ سنوات"، كنا قادمون من عام امتلأه الكثير من الاحتجاجات الاجتماعية، ولكن أعتقد أنه فى سياق انتشار الوباء تحولت الاضطرابات الاجتماعية إلى عملية تنظيم اجتماعي داخل الاحياء، حيث وضعت منظمات مختلفة أكتافها معا فى محاولة لحل مشكلة الجوع التى تعتبر صعبة للغاية فى ظل الحجر الصحى لكورونا".
وفى تشيلى، حيث لعبت الاحتجاجات ضد حكومة سيباستيان بينيرا دورا قياديا فى الحياة السياسية للبلاد حتى مارس الماضى، فجر رجال السلطة صفارة الانذار فى جميع أنحاء الاراضى الوطنية بسبب وباء كورونا.
أما فى الاكوادور، فقد خرج طلاب الجامعات إلى شوارع كيتو ضد تخفيض الميزانية، وارتدى المتظاهرون أقنعة الوجه واحتفظوا بمسافات الآمان.
وخرج العديد من البرازيلين يطالبون باستقالة الرئيس جايير بولسونارو ، بسبب السياسات الغير صحيحة التى اتخذها فى ظل انتشار فيروس كورونا ، ومنها إقالة وزير الصحة السابق لويز هنريك مانديتا.
وفى المكسيك ، قامت مجموعة من الأشخاص بالتظاهر ضد ادراة الحكومة لأزمة كورونا، وهددوا باشعال النار فى مبنى مستشفى فى أكوتشيابان بولاية موريليوس، وذلك بعد أن تجاوزت الحالات بالفعل 27600 شخص، وأكثر من 2700 حالة وفاة فى جميع أنحاء البلاد.
وحذر الرئيس السابق للجمعية الارجنتينة للأمراض المعدية لاوريتاريو دى فاديا، من أن الاحتجاجات ستزيد من المشاكل التى يعانى منها الناس، لهذا يصر على أنه من الأفضل تجنب اى احتجاجات فى هذا الوقت، ولابد من الالتزام بالمسافات وارتداء الكمامات حتى لا ينتشر فيروس كورونا بشكل أسرع مما سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد أيضا.