"تَفترِقُ أُمَّتى على ثلاث وسَبعين فِرْقة، كلها فى النَّارِ إلَّا واحدة، وهى الجماعةُ" بهذه الكلمات للنبى محمد عليه السلام، اعتمد العلماء فى تحديد الفرق الإسلامية قديما وحديثا، والفرقة جماعة انسلخت عن فرقة أخرى وكونت منهجها الخاص، واعتبرته الصواب على كافة المناهج الأخرى.
وبحسب عدد من المواقع الإسلامية، يعتبر أهل العلم أن الفرقة الناجية التي ميزها رسول الله، عليه السلام، هي فرقة أهل السنة والجماعة، ووفقا لكتاب "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود، فإن نشأة الفرق جاءت بعد "الفتنة الكبرى" فى عهد ذى النورين الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وكان من آثارها استشهاده، ثم نشأت على أثر ذلك الفرق، وكانت أول بدعة نشأت هي بدعة الخوارج والروافض، فالخوارج كفروا عليا ـ رضي الله عنه ـ وخرجوا عليه، والروافض ادعوا إمامته وعصمته".
وتابع "المحمود" سرده لتاريخ ظهور الفرق بقوله "ثم بعد ذلك أخذت البدع تتوالى فى الظهور فلما كان آخر عصر الصحابة فى إمارة ابن الزبير وعبد الملك، حدثت بدعة المرجئة والقدرية، ثم لما كان في أول عصر التابعين، في أواخر الخلافة الأموية، حدثت بدعة الجهمية والمشبهة والممثلة، ولم يكن على عهد الصحابة شيء من ذلك".
وأهل السنة والجماعة: هم أصحاب النبي عليه السلام والتابعون لهم بإحسان، وكل من التزم بمنهجهم، واقتدى بهم واتبع سبيلهم مِن المؤمنين المتمسكين بآثارهم إلى يوم القيامة.
ووفقا للباحث أبو مريم محمد الجريتلى فى دراسة بعنوان "من هم أهل السنة والجماعة" فإن كلمة الجماعة تطلق على: الصحابة رضوان الله عليهم، قال الشاطبى فى معرض ذكره لأقوال الناس فى مفهوم الجماعة: "الجماعة هى الصحابة على الخصوص، فإنهم الذين أقاموا عمادَ الدِّين، وأَرسوا أوتاده، وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلا"، فالنُّصوص الواردة فى السنة عن الجماعة تنصرف إليهم أولًا، لسبْقهم في الزمن والفضل، وتطلق الجماعة أيضا على أهل العلم، وأئمة الهدى المقتدَى بهم في الدين، ومن سلك سبيلهم.
ويستخدم "ابن تيمية" مصطلح أهل السنة والجماعة بالمعنى الخاص، أى: أهل الاتباع لا الابتداع ممن سلم من الشبهات في الاعتقاد عند قوله: خلاف أهل السنة مع الأشاعرة كذا، وهو المشهور بين أهل العلم، كما يستخدم مصطلح أهل السنة والجماعة بالمعنى العام؛ أى: أهل الملة والدين عند قوله: الخلاف بين أهل السنة والرافضة كذا، فأهل السنة هنا مصطلح عام لكل من كان على التوحيد، ويظهر ذلك بوضوح في كلامه في منهاج السنة لمن تدبره.
وقد اشتد النزاع على تمثيل لقب "أهل السنة والجماعة" بين تيارين إسلاميين عريضين، أولهما: تيار الأشاعرة والماتريدية من جهة، وتيار أهل الحديث السلفية من جهة أخرى، فبينما يصر الأشاعرة والماتريدية على أنهم هم "أهل السنة والجماعة"، يرفض السلفيون ذلك، لأنهم يعتقدون أنهم الأحق بهذا اللقب، لما يرونه في عقائدهم وأصولهم أنها تمثل الامتداد الطبيعي لما كان عليه السلف الصالح، في قرونهم الثلاثة المشهود لها بالخيرية.
يقول أحمد أمين في كتابه (ظهر الإسلام ) إنه بعد القرن الرابع الهجري عرف هذا اللقب ـ أهل السنة ـ اصطلاحاً جديداً مازال ملازماً له إلى اليوم: (سمي الأشعرى وأتباعه والماتريدى وأتباعه بـ (أهل السنة) وقد استعملت كلمة (أهل) بدل النسبة، فقالوا: أهل السنة أى السنيين.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية): (المقصود بالسلفية أولئك الذين ظهروا في القرن الرابع الهجرى، وكانوا من الحنابلة وزعموا أنَّ جملة آرائهم تنتهى إلى الإمام أحمد بن حنبل الذى أحيا عقيدة السلف وحارب دونها، ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجرى، أحياه شيخ الإسلام ابن تيمية وشدد فى الدعوة إليه، وأضاف إليه أموراً أخرى قد بعثت إلى التفكير فيها أحوال عصره، ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية فى القرن الثانى عشر الهجرى أحياها محمد بن عبد الوهاب فى الجزيرة العربية وما زال الوهابيون ينادون بها).
ثم يقول الشيخ أبو زهرة: (وقد كانت المعارك العنيفة تقوم بينهم وبين الأشاعرة، لأنهم كانوا يظهرون حيث يكون للأشاعرة قوة لا تنازع، فتكون بين الفريقين الملاحاة الشديدة، وكل فريق يحسب أنه يدعو إلى مذهب السلف).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة