الملك أمنمحات الثالث هو واحد من أهم فراعنة عصر الدولة الوسطى والأسرة الثانية عشرة، وكان إداريًا حازمًا وسياسيًا حكيمًا وبناءً عظيمًا، وتعتبر فترة حكمه الفترة الذهبية لعصر الدولة الوسطى وعهد سلام واستقرار وتعمير بعد الحروب التي خاضها أبوه الملك سنوسرت الثالث الذى ربما أشركه معه في حكم مصر لمدة عشرين عامًا.
أمنمحات الثالث
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، بنى أمنمحات الثالث هرمه الأول المعروف بالهرم الأسود فى منطقة دهشور في الجيزة، وفي حدود العام الخامس عشر من حكمه بنى هرمه الجديد في منطقة هوارة في الفيوم، وربما كان المعبد الجنائزي الخاص بهذا الهرم الأخير هو ما أطلق عليه المؤرخ اليوناني الأشهر هيرودوت وغيره اسم "اللابيرنث" (أي قصر التيه أو المتاهة)، والذي اعتبره المؤرخ والإغريقي استرابون واحدًا من عجائب العالم القديم.
وأوضح كتاب "الفراعنة المحاربون"، أن الحروب العديدة التي قام بها والده العظيم الملك سنوسرت الثالث منحت هذا الفرعون الجديد الوقت كى يتفرغ للبناء والعمران، وقام الفرعون أمنمحات الثالث بأنشطة عسكرية غير كثيرة في فترة حكمه المديدة، فيوجد ذكر لقيام حملة عسكرية صغيرة في العام التاسع من حكمه، وجاء الدليل على هذه الحملة العسكرية من منطقة بلاد النوبة على نقش صخرى بالقرب من قلعة سمنة الشهيرة، وقاد هذه الحملة العسكرية أحد قواد الملك، والذى ذكر أنه عاد بسلام إلى الشمال مع فرقة عسكرية صغيرة، وأنه لم يمت أحد منها عندما ذهبوا في مهمتهم إلى الجنوب.
أمنمحات الثالث
وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"، غير أن أهم ما يميز عهد هذا الفرعون البناء هو اهتمامه الكبير بإرسال بعثات تعدينية عديدة لمناطق التعدين المختلفة في الأرض المصرية المباركة، وكان من بين أهمها الذهاب فى حملة تعدينية إلى منطقة وادى الحودى على حدود مصر الجنوبية للحصول على حجر الجمشت أو الأماتيست أو حجر الأرجوان، وترجع تاريخ تلك البعثات إلى الأعوام الحادى عشر والعشرين والثامن والعشرين من حكم هذا الملك، وكانت منطقة وادي الحمامات من أهم المناطق التعدينية التى أرسل الملك أمنمحات الثالث البعثات إليها، وترجع بعثات وادي الحمامات إلى الأعوام الثانى والثالث والتاسع عشر والعشرين والثالث والثلاثين من حكم جلالته، وربما كان عمل البعثتين فى العامين التاسع عشر والعشرين فى وادى الحمامات ينصب على بداية التحضير لبناء مجموعة الملك الهرمية فى منطقة هوارة، وكذلك قامت فرق العمل الملكية بقطع الأحجار لنحت التماثيل الملكية الجميلة الخاصة بالفرعون أمنمحات الثالث، وعلى شاطيء البحر الأحمر تم اكتشاف لوحة تذكر إرسال بعثة إلى بلاد بونت في عهد أمنمحات الثالث.
وشغل أمنمحات الثالث مكانة مرموقة في نظر المعاصرين له، وظلت سيرته مصدر فخر المصريين، ورفعته الأجيال التالية من المصريين إلى مصاف الآلهة والأرباب كما فعلت مع أبيه من قبل، الملك العظيم أمنمحات الثالث نموذج قوي يوضح كيف أن الاستقرار السياسي المبني على القوة العسكرية المستقرة يمكن القائد الفذ من بناء الوطن ونشر السلام والتفرغ للتنمية والرخاء والازدهار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة